الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8374 ) مسألة ; قال : ( ولا تجوز شهادتهم في غير ذلك ) مذهب أبي عبد الله أن شهادة أهل الكتاب لا تقبل في شيء على مسلم ولا كافر غير ما ذكرنا . رواه عنه نحو من عشرين نفسا . وممن قال : لا تقبل شهادتهم ; الحسن ، وابن أبي ليلى ، والأوزاعي ، ومالك ، والشافعي ، وأبو ثور . ونقل حنبل ، عن أحمد ، أن شهادة بعضهم على بعض ( أهل الكتاب ) لم تقبل . وخطأه الخلال في نقله هذا ، وكذلك صاحبه أبو بكر ، قال : هذا غلط لا شك فيه .

                                                                                                                                            وقال ابن حامد : بل المسألة على روايتين . وقال أبو حفص البرمكي : تقبل شهادة السبي بعضهم لبعض في النسب ، إذا ادعى أحدهم أن الآخر أخوه . والمذهب الأول ، والظاهر غلط من روى خلاف ذلك . وذهب طائفة من أهل العلم ، إلى أن شهادة بعضهم على بعض تقبل ، ثم اختلفوا ; فمنهم من قال : الكفر كله ملة واحدة ، فتقبل شهادة اليهودي على النصراني ، والنصراني على اليهودي . وهذا قول حماد ، وسوار ، والثوري ، والبتي ، وأبي حنيفة ، وأصحابه .

                                                                                                                                            وعن قتادة ، والحكم ، وأبي عبيد ، وإسحاق : تقبل شهادة كل ملة بعضها على بعض ، ولا تقبل شهادة يهودي على نصراني ، ولا نصراني على يهودي . وروي عن الزهري ، والشعبي ، كقولنا ، وكقولهم . واحتجوا بما روي عن جابر ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض . } رواه ابن ماجه . ولأن بعضهم يلي على بعض ، فتقبل شهادة بعضهم على بعض ، كالمسلمين .

                                                                                                                                            ولنا ، قول الله تعالى : { وأشهدوا ذوي عدل منكم } . وقال تعالى : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء } . والكافر ليس بذي عدل ، ولا هو منا ، ولا من رجالنا ، ولا ممن نرضاه ; ولأنه لا تقبل شهادته على غير أهل دينه ، فلا تقبل على أهل دينه ، كالحربي ، والخبر يرويه مجالد وهو ضعيف ، وإن ثبت فيحتمل أنه أراد اليمين ، فإنها تسمى شهادة ، قال الله تعالى في اللعان : [ ص: 182 ] { فشهادة أحدهم أربع شهادات . بالله إنه لمن الصادقين } .

                                                                                                                                            وأما الولاية فمتعلقها القرابة والشفقة ، وقرابتهم ثابتة ، وشفقتهم كشفقة المسلمين ، وجازت لموضع الحاجة ، فإن غير أهل دينهم لا يلي عليهم ، والحاكم يتعذر عليه ذلك ، لكثرتهم ، بخلاف الشهادة ، فإنها ممكنة من المسلمين ، وقد روي عن معاذ ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقبل شهادة أهل دين إلا المسلمين } ; فإنهم عدول على أنفسهم ، وعلى غيرهم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية