الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8382 ) مسألة ; قال : ولا تجوز شهادة الوالدين وإن علوا ، للولد وإن سفل ، ولا شهادة الولد وإن سفل ، لهما وإن علوا . ظاهر المذهب أن شهادة الوالد لولده لا تقبل ، ولا لولد ولده ، وإن سفل ، وسواء في ذلك ولد البنين وولد البنات . ولا تقبل شهادة الولد لوالده ، ولا لوالدته ، ولا جده ، ولا جدته من قبل أبيه وأمه وإن علوا ، وسواء في ذلك الآباء والأمهات ، وآباؤهما وأمهاتهما . وبه قال شريح ، والحسن ، والشعبي ، والنخعي ، ومالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو عبيد ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                            وروي عن أحمد ، رحمه الله ، رواية ثانية ، تقبل شهادة الابن لأبيه ، ولا تقبل شهادة الأب له ; لأن مال الابن في حكم مال الأب ، له أن يتملكه إذا شاء ، فشهادته له شهادة لنفسه ، أو يجر بها لنفسه نفعا . قال النبي صلى الله عليه وسلم : { أنت ومالك لأبيك } . وقال : { إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وإن أولادكم من أطيب كسبكم ، فكلوا من أموالهم } . ولا يوجد هذا في شهادة الابن لأبيه .

                                                                                                                                            وعنه رواية ثالثة ، تقبل شهادة كل واحد منهما لصاحبه ، في ما لا تهمة فيه ، كالنكاح ، والطلاق ، والقصاص ، والمال إذا كان مستغنى عنه ; لأن كل واحد منهما لا ينتفع بما يثبت للآخر من ذلك ، فلا تهمة في حقه . وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن شهادة كل واحد منهما للآخر مقبولة . وروي ذلك عن شريح . وبه قال عمر بن عبد العزيز ، وأبو ثور ، والمزني ، وداود ، وإسحاق ، وابن المنذر ; لعموم الآيات ، ولأنه عدل تقبل شهادته في غير هذا الموضع ، فتقبل شهادته فيه ، كالأجنبي . ولنا ، ما روى الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ، ولا ذي غمر على أخيه ، ولا ظنين في قرابة ولا ولاء } .

                                                                                                                                            والظنين : المتهم ، والأب يتهم لولده ; لأن ماله كما له بما ذكرناه ، ولأن بينهما بعضية ، فكأنه يشهد لنفسه ، ولهذا قال عليه السلام : { فاطمة بضعة مني ، يريبني ما رابها } . ولأنه متهم في الشهادة لولده ، كتهمة العدو في الشهادة على عدوه ، والخبر أخص من الآيات ، فتخص به .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية