الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب ما جاء في ترك الخاتم

                                                                      4221 حدثنا محمد بن سليمان لوين عن إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أنه رأى في يد النبي صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق يوما واحدا فصنع الناس فلبسوا وطرح النبي صلى الله عليه وسلم فطرح الناس قال أبو داود رواه عن الزهري زياد بن سعد وشعيب وابن مسافر كلهم قال من ورق

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( لوين ) : بالتصغير ، لقب محمد بن سليمان ( رأى في يد النبي صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق ) الحديث . هكذا روى الحديث الزهري عن أنس . واتفق الشيخان على تخريجه [ ص: 216 ] من طريقه ونسب فيه إلى الغلط لأن المعروف أن الخاتم الذي طرحه النبي صلى الله عليه وسلم بسبب اتخاذ الناس مثله إنما هو خاتم الذهب كما صرح به في حديث ابن عمر .

                                                                      قال النووي تبعا لعياض قال جميع أهل الحديث هذا وهم من ابن شهاب لأن المطروح ما كان إلا خاتم الذهب ، ومنهم من تأوله وجمع بينه وبين الروايات فقال : لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم تحريم خاتم الذهب اتخذ خاتم فضة ، فلما لبس خاتم الفضة أراه الناس في ذلك اليوم ليعلمهم إباحته ، ثم طرح خاتم الذهب وأعلمهم تحريمه ، فطرح الناس خواتمهم من الذهب ، فيكون قوله : فطرح الناس خواتمهم ، أي خواتم الذهب ، وهذا التأويل هو الصحيح ، وليس في هذا الحديث ما يمنعه .

                                                                      قال وأما قوله : فصنع الناس الخواتيم من الورق فلبسوه ، ثم قال : فطرح خاتمه فطرحوا [ ص: 217 ] خواتيمهم ، فيحتمل أنهم لما علموا أنه صلى الله عليه وسلم يريد أن يصطنع لنفسه خاتم فضة اصطنعوا لأنفسهم خواتيم فضة وبقيت معهم خواتيم الذهب كما بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن طرح خاتم الذهب واستبدلوا الفضة . انتهى .

                                                                      وذكر الحافظ في الفتح تأويلات أخر أيضا .

                                                                      ( قال أبو داود : رواه عن الزهري زياد بن سعد إلخ ) : الحاصل أن هؤلاء كلهم تابعوا إبراهيم بن سعد على قوله من ورق فكما قال إبراهيم في روايته عن الزهري لفظة من ورق ، كذلك قال زياد بن سعد وشعيب وابن مسافر لفظة من ورق في رواياتهم عنه قال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وقال أبو داود رواه عن الزهري زياد بن سعد وشعيب وابن مسافر كلهم قال من ورق . هذا آخر كلامه . وهؤلاء الذين ذكرهم أبو داود قد أشار إليهم البخاري في صحيحه . وقد أخرجه البخاري ومسلم من حديث يونس بن يزيد عن الزهري . وفيه : من ورق . فهؤلاء خمسة من ثقات أصحاب الزهري رووه عنه كذلك ، وقد قيل : إن هذا عند جميع أصحاب الحديث ، وهم عن ابن شهاب من خاتم الذهب .




                                                                      الخدمات العلمية