الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8423 ) مسألة ; قال : ( ولو هلك رجل عن ، ابنين ، وله حق بشاهد ، وعليه من الدين ما يستغرق ميراثه ، فأبى الوارثان أن يحلفا مع الشاهد ، لم يكن للغريم أن يحلف مع شاهد الميت ، ويستحق ، فإن حلف الوارثان مع الشاهد ، حكم بالدين ، فدفع إلى الغريم ) وجملته أن الرجل إذا مات مفلسا ، وادعى ورثته دينا له على رجل ، فأنكر ، فأقاموا شاهدا عدلا ، وحلفوا معه ، [ ص: 206 ] حكم بالدين للميت ، ثم تقضى منه ديونه ، ثم تنفذ وصاياه من الثلث ، إلا أن يجيز الورثة ، فإن أبى الورثة أن يحلفوا ، لم يكن للغريم أن يحلف ، مع شاهد الميت .

                                                                                                                                            وبهذا قال إسحاق ، وأبو ثور ، والشافعي في الجديد ، وقال في القديم : للغريم أن يحلف ، ويستحق . وهذا قول مالك ; لأن حقه متعلق به ، بدليل أنه لو ثبت المال ، قدم حقه على الورثة ، وكانت له اليمين كالوارث .

                                                                                                                                            ولنا ، أن الدين للورثة دون الغريم ، فلم يكن له أن يحلف عليه ، كما لو لم يستغرق الدين ميراثه ، والدليل على أنه للوارث ، أنه يكتفى بيمينه ، ولو كان لغيره لما اكتفي بها ، ولأن حق الغريم في ذمة الميت ، والدين للميت ، ولهذا يشهد الشاهد بأن الدين للميت ، والذي يحلف معه إنما يحلف على هذا ، ولا يجوز للغريم أن يحلف لي في ذمة المدعى عليه دينا ، بالاتفاق ، فلم يجز أن يحلف على دين غيره الذي لا فعل له فيه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جعل اليمين للمالك ، ولا يلزم على هذا الوكيل ; لأنه يحلف على فعل نفسه ; ولأن الغريم لو حلف مع الشاهد ، ثم أبرأ الميت من الدين ، لرجع الدين إلى الورثة ، ولو كان قد ثبت له بيمينه ، لم يرجع إليهم . وهكذا لو وصى الميت لإنسان ، ثم لم يحلف الورثة ، لم يكن للموصى له أن يحلف ; لما ذكرناه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية