الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإذا بال تنحنح حتى يخرج إن كان هناك شيء ، ويمسح ذكره مع مجامع العروق ثم ينتره ) .

                                      [ ص: 106 ]

                                      التالي السابق


                                      [ ص: 106 ] الشرح ) قوله ينتره بفتح أوله وضم ثالثه ، والنتر جذب بجفاء كذا قاله أهل اللغة واستنثر إذا جذب بقية بوله عند الاستنجاء ، قال الشافعي رحمه الله في الأم . يستبرئ البائل من البول لئلا يقطر عليه قال " وأحب إلي أن يقيم ساعة قبل الوضوء وينتر ذكره " هذا لفظ نصه ، وكذا قال جماعات يستحب أن يصبر ساعة يعنون لحظة لطيفة . وقال الماوردي والروياني وغيرهما : يستحب أن ينتر ثلاثا مع التنحنح ، وقال جماعة منهم الروياني : ويمشي بعده خطوة أو خطوات . وقال إمام الحرمين ويهتم بالاستبراء فيمكث بعد انقطاع البول ويتنحنح ، قال : وكل أعرف بطبعه . قال : والنتر ما ورد به الخبر وهو أن يمر أصبعا ليخرج بقية إن كانت ، والمختار : أن هذا يختلف باختلاف الناس ، والمقصود أن يظن أنه لم يبق في مجرى البول شيء يخاف خروجه ، فمن الناس من يحصل له هذا المقصود بأدنى عصر ومنهم من يحتاج إلى تكراره ومنهم من يحتاج إلى تنحنح ومنهم من يحتاج إلى مشي خطوات ، ومنهم من يحتاج إلى صبر لحظة ومنهم من لا يحتاج إلى شيء من هذا ، وينبغي لكل أحد أن لا ينتهي إلى حد الوسوسة . قال أصحابنا : وهذا الأدب وهو النتر والتنحنح ونحوهما مستحب ، فلو تركه فلم ينتر ولم يعصر الذكر واستنجى عقيب انقطاع البول ثم توضأ فاستنجاؤه صحيح ووضوءه كامل ; لأن الأصل عدم خروج شيء آخر ، قالوا : والاستنجاء يقطع البول فلا يبطل استنجاؤه ووضوءه إلا أن يتيقن خروج شيء . واحتج جماعة في هذا الأدب بما روى يزداد ، وقيل أزداد بن فساءة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " { إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث مرات } " رواه أحمد وأبو داود في المراسيل وابن ماجه والبيهقي واتفقوا على أنه ضعيف . وقال الأكثرون : هو مرسل ، ولا صحبة ليزداد ، وممن نص على أنه لا صحبة له البخاري في تاريخه وأبو حاتم الرازي وابنه عبد الرحمن وأبو داود [ ص: 107 ] وأبو أحمد بن عدي الحافظ وغيره . وقال يحيى بن معين وغيره لا نعرف يزداد فالتعويل على المعنى الذي ذكره الأصحاب ، ويزداد بزاي ثم دال مهملة ثم ألف ثم ذال معجمة ، وفساءة بالفاء والسين المهملة المخففة وبالمد .

                                      ( فرع ) قال أصحابنا : يكره حشو الذكر بقطنة ونحوها ، وصرح به المتولي والروياني والرافعي ونقله الروياني عن الأصحاب والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية