الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8445 ) مسألة ; قال : ( وإذا شهد من الأربعة اثنان ، أن هذا زنى بها في هذا البيت ، وشهد الآخران أنه زنى بها في البيت الآخر ، فالأربعة قذفة ، وعليهم الحد ) . وجملته ، أن من شرط صحة الشهادة على الزنى ، اجتماع الشهود الأربعة على فعل واحد ، فإن لم يجتمعوا ، لم تكمل الشهادة ، وكان الجميع قذفة ، وعليهم الحد ، فإذا شهد اثنان أنه زنى بها في هذا البيت ، واثنان أنه زنى بها في بيت آخر ، فما اجتمعوا على الشهادة بزنى واحد ; لأن الزنى في هذا البيت غير الزنى في الآخر ، فلم تكمل شهادتهم ، ويحدون حد القذف . وبهذا قال مالك ، والشافعي في أحد قوليه .

                                                                                                                                            وقال أبو بكر : تكمل شهادتهم ، ويحد المشهود عليه . واستبعده أبو الخطاب ، وقال : هذا سهو من الناقل ; لأنه يخالف الأصول والإجماع ، والحد يدرأ بالشبهات ، فكيف يجب بها ، وقال النخعي ، وأصحاب الرأي وأبو ثور ، والشافعي في قول : لا حد على الشهود ; لأنهم كملوا أربعة ، ولا على المشهود عليه ; لأنهم لم يشهدوا بزنى واحد يجب الحد به .

                                                                                                                                            ولنا ، أنهم لم يشهدوا بزنى واحد ، فلزمهم الحد ، كما لو شهد اثنان أنه زنى بامرأة ، واثنان أنه زنى بغيرها ، ولأنه لا يخلو من أن تكون شهادتهم بزنى واحد أو باثنين ، فإن كانت بفعل واحد ، مثل أن يعين الجميع وقتا واحدا ، لا يمكن زناه فيه في الموضعين ، فاثنان منهم كاذبان يقينا ، واثنان منهم لو خلوا عن المعارضة لشهادتهم ، لكانا قاذفين ، فمع التعارض أولى . وإن كانت شهادتهم بفعلين ، كانوا قذفة ، كما لو عينوا في شهادتهم أنه زنى مرة أخرى . وما ذكروه يبطل بالأصل الذي ذكرناه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية