الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ الفرق بين الشرط والسبب والمانع ]

                                                      فالسبب : هو الذي يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته .

                                                      والمانع : هو الذي يلزم من وجوده العدم ، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته ، وحينئذ فالمعتبر في المانع وجوده ، وفي الشرط عدمه ، وفي السبب وجوده وعدمه ومثاله الزكاة ، فالسبب النصاب ، والحول شرط ، والدين مانع عند من يراه مانعا .

                                                      وإذ وضحت الحقيقة ظهر أن الشروط اللغوية أسباب بخلاف غيرها من الشروط العقلية والشرعية والعادية ; فإنه يلزم من عدمها العدم في المشروط ، ولا يلزم من وجودها وجود ولا عدم ، فقد توجد الشروط عند وجودها كموجب الزكاة عند الحول الذي هو شرط ، وقد يقارن الدين فيمتنع الوجوب .

                                                      وأما الشروط اللغوية التي هي التعاليق نحو إن دخلت الدار فأنت طالق يلزم من الدخول الطلاق ، ومن عدمه عدمه إلا أن يخلفه سبب آخر . وحينئذ فإطلاق لفظ الشرط على الجميع إما بالاشتراك أو الحقيقة في واحد والمجاز في البواقي أو بالتواطؤ إذ بينهما قدر مشترك ، وهو مجرد توقف الوجود على الوجود ، ويفترقان فيما عدا ذلك .

                                                      ثم الشرط اللغوي يمتاز بثلاثة أشياء : إمكان التعويض عنه ، والإخلاف ، والبدل ، كما إذا قال لها : إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا ، ثم يقول لها : أنت طالق ثلاثا ، فيقع الثلاث بالإنشاء بدلا عن المعلقة . وكما إذا قال : إن رددت عبدي فلك هذا الدرهم ، ثم يعطيه إياه قبل رد العبد هبة ، فتخلف الهبة استحقاقه إياه بالرد . ويمكن إبطال شرطيته كما إذا نجز الطلاق ، أو اتفقا على فسخ الجعالة . [ ص: 441 ] والشروط الشرعية لا يقتضي وجودها وجودا ، ولا تقبل البدل ولا الإخلاف ، ويمكن قبولها الإبطال ، فإن الشرع قد يبطل شرطية الطهارة للعذر .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية