الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8456 ) مسألة ; قال : ( وإن كانت شهادتهما بمال ، غرماه ، ولم يرجع به على المحكوم له به ، سواء كان المال قائما أو تالفا ) أما كونه لا يرجع به على المحكوم له به فلا نعلم فيه بين أهل العلم خلافا ، سوى ما حكيناه عن سعيد بن المسيب والأوزاعي وقد ذكرنا الكلام معهما فيما مضى . فأما الرجوع به على الشاهدين ، فهو قول أكثر أهل العلم ; منهم مالك وأصحاب الرأي ، وهو قول الشافعي القديم ، وقال في الجديد لا يرجع عليهما بشيء ، إلا أن يشهدا بعتق عبد فيضمنا قيمته ; لأنه لم يوجد منهما إتلاف للمال ، ولا يد عادية عليه ، فلم يضمنا ، كما لو ردت شهادتهما .

                                                                                                                                            ولنا ، أنهما أخرجا ماله من يده بغير حق ، وحالا بينه وبينه ، فلزمهما الضمان ، كما لو شهدا بعتقه ، ولأنهما أزالا يد السيد عن عبده بشهادتهما المرجوع عنها فأشبه ما لو شهدا بحريته ; ولأنهما تسببا إلى إتلاف حقه بشهادتهما بالزور عليه ، فلزمهما الضمان ، كشاهدي القصاص . يحقق هذا ، أنه إذا ألزمهما القصاص الذي يدرأ [ ص: 226 ] بالشبهات ، فوجوب المال أولى .

                                                                                                                                            وقولهم : إنهما ما أتلفا المال . يبطل بما إذا شهدا بعتقه ، فإن الرق في الحقيقة لا يزول بشهادة الزور ، وإنما حالا بين سيده وبينه ، وفي موضع إتلاف المال ، فهما تسببا إلى تلفه ، فيلزمهما ضمان ما تلف بسببهما ، كشاهدي القصاص ، وشهود الزنى ، وحافر البئر ، وناصب السكين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية