[ ص: 96 ] سورة المائدة
( وهي السورة الخامسة ، وآياتها مائة وعشرون عند القراء الكوفيين ، وعليه " فلوجل " ومائة وثنتان وعشرون عند الحجازيين والشاميين ، ومائة وثلاث وعشرون عند البصريين ; فالخلاف فيها على فاصلتين فقط ) .
هي مدنية بناء على المشهور من أن المدني ما نزل بعد الهجرة ولو في مكة ، وإلا فقد روي في الصحيح عن عمر أن قوله تعالى : اليوم أكملت لكم دينكم ( 5 : 3 ) إلخ . نزل عشية عرفة يوم الجمعة عام حجة الوداع ، وما رواه ابن مردويه عن أبي سعيد ، أنها نزلت يوم غدير خم ، وعن أنها نزلت في ثامن عشر ذي الحجة مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من حجة الوداع ، كلاهما لا يصح ، وروى أبي هريرة البيهقي في شعب الإيمان أن أول المائدة نزل بمنى ، أي عام حجة الوداع ، وروى عن عبيد عن ، أنها نزلت كلها في حجة الوداع بين محمد بن كعب مكة والمدينة .
أما ، فقد قال التناسب بينها وبين سورة النساء الكواشي : إنه لما ختم سورة النساء آمرا بالتوحيد والعدل بين العباد أكد ذلك بالأمر بالوفاء بالعقود . ونقل الألوسي عن الجلال السيوطي في بيان ذلك : أن سورة النساء قد اشتملت على عدة عقود صريحا وضمنا ; فالصريح عقود الأنكحة ، وعقد الصداق ، وعقد الحلف ، وعقد المعاهدة والأمان ، والضمني : عقد الوصية والوديعة والوكالة والعارية والإجارة ، وغير ذلك ، الداخل في عموم قوله تعالى : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ( 4 : 58 ) فناسب أن تعقب بسورة مفتتحة بالأمر بالوفاء بالعقود ، فكأنه قال : يا أيها الناس أوفوا بالعقود التي فرغ من ذكرها في السورة التي تمت وإن كان في هذه السورة أيضا عقود .
قال : ووجه أيضا تقديم النساء وتأخير المائدة بأن أول تلك يا أيها الناس ( 4 : 1 ) وفيها الخطاب بذلك في مواضع ، وهو أشبه بتنزيل المكي ، وأول هذه يا أيها الذين آمنوا ( 5 : 1 ) وفيها الخطاب بذلك في مواضع ، وهو أشبه بخطاب المدني ، وتقديم العام ، أي خطاب الناس كافة وشبه المكي أنسب .
قال : ثم إن هاتين السورتين في التلازم والاتحاد نظير البقرة وآل عمران ، فتانك اتحدتا في تقرير الأصول من الوحدانية والنبوة ونحوهما ، وهاتان في تقرير الفروع الحكمية ، وقد ختمت المائدة بالمنتهى من البعث والجزاء ، فكأنهما سورة واحدة وقد اشتملت على الأحكام من المبدأ إلى المنتهى . اهـ .
أقول : هذا أجمع ما اطلعنا عليه ، ولم يأت الرازي ولا البقاعي بشيء جديد ، وأنت [ ص: 97 ] ترى أن معظم سورة المائدة في محاجة اليهود والنصارى ، مع شيء من ذكر المنافقين والمشركين ، وهو ما تكرر في سورة النساء ، وأطيل به في آخرها ، فهو أقوى المناسبات بين السورتين ، وأظهر وجوه الاتصال ، كأن ما جاء منه في هذه السورة متمم ومكمل لما فيما قبلها . وفي كل من السورتين طائفة من الأحكام العملية في العبادات والحلال والحرام ، ومن المشترك منها في السورتين : آيتا التيمم والوضوء ، وحكم حل المحصنات من المؤمنات ، وزاد في المائدة حل المحصنات من أهل الكتاب ، فكان متمما لأحكام النكاح في النساء . ومن المشترك في الوصايا العامة : الأمر بالقيام بالقسط ، والشهادة بالعدل من غير محاباة لأحد ، وكذا الوصية بالتقوى ، ومن لطائف التناسب فيهما ، أن سورة النساء مهدت السبيل لتحريم الخمر ، وسورة المائدة حرمتها ألبتة ، فكانت متممة لشيء فيما قبلها ، وانفردت سورة المائدة بأحكام قليلة في الطعام والصيد والإحرام ، وحكم البغاة المفسدين ، وحد السارق ، وكفارة اليمين ، وأمثال هذه الأحكام من كماليات الشريعة المؤذنة بتمامها ، كما انفردت " النساء " بأحكامهن وأحكام الإرث والقتال ، وهي مما كان يحتاج إليه عند نزولها .
سورة المائدة
- مقدمة السورة
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم
- تفسير قوله تعالى حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا
- تفسير قوله تعالى ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا
- تفسير قوله تعالى يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير
- تفسير قوله تعالى لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم
- تفسير قوله تعالى وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا
- تفسير قوله تعالى واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر
- تفسير قوله تعالى إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون
- تفسير قوله تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم
- تفسير قوله تعالى يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم
- تفسير قوله تعالى إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور
- تفسير قوله تعالى وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء
- تفسير قوله تعالى وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا
- تفسير قوله تعالى يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته
- تفسير قوله تعالى لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا
- تفسير قوله تعالى قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا
- تفسير قوله تعالى لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا
- تفسير قوله تعالى والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا
- تفسير قوله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم
- تفسير قوله تعالى جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد
- تفسير قوله تعالى اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم
- تفسير قوله تعالى ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم
- تفسير قوله تعالى يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب
- تفسير قوله تعالى وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله