الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الاستبراء وغيره

( من ) ملك استمتاع ( أمة ) بنوع من أنواع الملك كشراء وإرث سبي ودفع جناية وفسخ بيع بعد القبض ونحوها وقيدت بالاستمتاع ليخرج شراء الزوجة كما سيجيء [ ص: 375 ] ( ولو بكرا أو مشرية من عبد أو امرأة ) ولو عبده كمكاتبه ومأذونه لو مستغرقا بالدين وإلا لا استبراء ( أو ) من ( محرمها ) غير رحمها كي لا تعتق عليه ( أو من مال صبي ) ولو طفله ( حرم عليه وطؤها و ) كذا ( دواعيه ) في الأصح لاحتمال وقوعها في غير ملكه بظهورها حبلى ( حتى يستبرئها بحيضة فيمن تحيض وبشهر في ذات أشهر ) وهي صغيرة وآيسة ومنقطعة حيض ولو حاضت فيه بطل الاستبراء بالأيام ولو ارتفع حيضها بأن صارت ممتدة الطهر وهي ممن تحيض استبرأها بشهرين وخمسة أيام عند محمد وبه يفتى والمستحاضة يدعها من أول الشهر عشرة أيام برجندي وغيره فليحفظ ( ويوضع الحمل في الحامل )

التالي السابق


باب الاستبراء وغيره

يقال استبرأ الجارية أي طلب براءة رحمها من الحمل وهو واجب لو أنكره كفر عند بعضهم للإجماع على وجوبه كما لو أنكر المعروفين من الصحابة وعامة العلماء أنه لا يكفر لثبوته بخبر الواحد كما في النظم ،وسببه : حدوث الملك وعلته : إرادة الوطء وشرطه : حقيقة الشغل كما في الحامل أو توهمه كما في الحائل وحكمه : تعرف براءة الرحم وحكمته : صيانة المياه المحترمة ، لكنها لا تصلح موجبة للحكم لتأخرها عنه بخلاف السبب لسبقه فأدير الحكم عليه وإن علم عدم الوطء في بعض الصور الآتية ا هـ در منتقى والأصل فيه { قوله عليه الصلاة والسلام في سبايا أوطاس ألا لا توطأ الحبالى حتى يضعن حملهن ولا الحيالى حتى يستبرأن بحيضة } " أخرجه أبو داود والحاكم وقال حسن صحيح وهو عام ، إذ لا تخلو السبايا من البكر ونحوها فلم يختص بالحكمة لعدم اطرادها والحبالى جمع حبلى والحيالى جمع حائل من لا حمل لها وقوله " حتى يستبرأن " بالهمز لا غير وتركها خطأ كما في المغرب ، ثم الاستبراء منه ما هو مستحب كما سنذكره ( قوله وغيره ) من التقبيل والمعانقة والمصافحة .

( قوله من ملك استمتاع أمة ) أي الانتفاع بها وطئا وغيره أي ملكا حادثا احترازا عن عود الآبقة ونحوه مما يأتي ، والمراد ملك اليمين فلو تزوج أمة وكان المولى يطؤها ، ففي الذخيرة ليس على الزوج أن يستبرئها عند الإمام ، وقال أبو يوسف : يستبرئها استحسانا كي لا يؤدي إلى اجتماع رجلين على امرأة في طهر واحد ، ولأبي حنيفة أن عقد النكاح متى صح تضمن العلم ببراءة الرحم شرعا وهو المقصود من الاستبراء ا هـ . بقي الكلام في مولاها قال في الذخيرة : إذا أراد بيعها وكان يطؤها يستحب أن يستبرئها ثم يبيعها ، وإذا أراد أن يزوجها ، وكان يطؤها بعضهم قالوا يستحب أن يستبرئها والصحيح أنه هنا يجب وإليه مال السرخسي ، والفرق أنه في البيع يجب على المشتري ، فيحصل المقصود فلا معنى لإيجابه على البائع ، وفي المنتقى عن أبي حنيفة أكره أن يبيع من كان يطؤها حتى يستبرئها ا هـ ( قوله ونحوها ) كهبة ورجوع عنها وصدقة ووصية ، وبدل خلع [ ص: 375 ] أو صلح أو كتابة أو عتق أو إجارة ( قوله ولو بكرا إلخ ) لما مر من إدارة الحكم على السبب ، وهو حدوث الملك لسبقه قال القهستاني ، وعن أبي يوسف إذا تيقن بفراغ رحمها من ماء البائع لم يستبرئ ( قوله لو مستغرقا بالدين ) أي استغرق الدين رقبته وما في يده وهذا عند أبي حنيفة لأن المولى حينئذ لا يملك مكاسبه ، وعندهما يملك إتقاني والأول استحسان والثاني قياس خانية ( قوله وإلا ) أي وإن لم يكن مستغرقا أو لا دين عليه أصلا لا استبراء ، وهذا إذا حاضت عند العبد ، وأما لو باعها لمولاه قبل حيضها كان على المولى استبراؤها ، وإن لم يكن المأذون مديونا كما في الشرنبلالية عن الخانية وأشار إليه في متن الدرر .

( قوله أو من محرمها غير رحمها ) أي محرم الأمة كما لو كانت أم البائع أو أخته أو بنته رضاعا أو زوجة أصله أو فرعه أو وطئ أمها أو بنتها ( قوله كي لا تعتق عليه ) أي على البائع المحرم لو كان رحما فهو تعليل لتقييده بقوله غير رحمها ( قوله وكذا دواعيه ) كالقبلة والمعانقة والنظر إلى فرجها بشهوة أو غيرها ، وعن محمد لا تحرم الدواعي في المسبية قهستاني ( قوله في الأصح ) قيد للدواعي ولذا فصله بكذا احترازا عن قول بعضهم لا تحرم الدواعي لأن حرمة الوطء لئلا يختلط الماء ويشتبه النسب ( قوله لاحتمال وقوعها إلخ ) أي الدواعي تعليل للأصح وبيانه أنه يحتمل أن تظهر حبلى فيدعي البائع الولد فيظهر وقوعها في غير ملكه ، لكن هذا لا يظهر في المسبية كما قال ط ( قوله حتى يستبرئها ) فلو وطئها قبله أثم ولا استبراء بعد ذلك عليه كما في السراجية والمبتغى شرنبلالية ( قوله ومنقطعة حيض ) كذا في المنح والدرر واعترضه في الشرنبلالية بأنه إن أراد به الآيسة ، فهو عين ما قبله ، وإن أراد ممتدة الطهر ناقضه ما بعده من قوله ، ولو ارتفع حيضها إلخ . وفي الدر المنتقى : اعلم أن منقطعة الحيض هي التي بلغت بالسن ، ولم تحض قط ، وهذه حكمها كصغيرة اتفاقا وأما مرتفعة الحيض ، فهي من حاضت ولو مرة ثم ارتفع حيضها وامتد طهرها ، ولذا تسمى ممتدة الطهر وفيها الخلاف ، وقد خفي هذا على الشرنبلالي محشي الدرر فتبصر ( قوله عند محمد ) هذا ما رجع إليه وكان أولا يقول بأربعة أشهر وعشر وظاهر الرواية أنها تترك إلى أن يتبين أنها ليست بحامل .

واختلف المشايخ في مدة التبيين على أقوال أحوطها : سنتان وأرفقها هذا ، لأنها مدة صلحت لتعرف براءة الرحم للأمة في النكاح ففي ملك اليمين وهو دونه أولى ( قوله وبه يفتى ) نقله في الشرنبلالية عن الكافي ( قوله والمستحاضة يدعها إلخ ) هذا إنما يظهر فيمن علمت عادتها أول الشهر وحينئذ لا يتعين كون مدة الحيض عشرا ، ويظهر أيضا فيمن نزل عليها الدم أول البلوغ ثم استمر بها الدم فإن حيضها عشرة وطهرها عشرون ، ويظهر حمل كلامه عليها ولا يظهر في المحيرة فليحرر وعبارة القهستاني عن المحيط ، فلو اشترى مستحاضة لا يعلم حيضها يدعها من أول الشهر عشرة أيام فقيد بعدم العلم ط وفي الذخيرة مثل ما في القهستاني ( قوله في الحامل ) ولو من زنا قهستاني




الخدمات العلمية