الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 450 ] ذكر الإخبار عن وصف حالة آخر من يدخل الجنة ممن أخرج من النار بعد تعذيب الله جل وعلا إياهم بذنوبهم

                                                                                                                          7429 - أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال : حدثنا ابن أبي السري قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة قال : قال الناس : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله ، قال : فهل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله ، قال : فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك ، يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه ، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ، ومن كان يعبد القمر القمر ، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت ، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها ، فيأتيهم الله جل وعلا في غير صورته التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعوذ بالله منك هذا مقامنا حتى يأتينا ربنا ، فإذا جاءنا ربنا عرفناه قال : فيأتيهم في الصورة التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون أنت ربنا ، ويضرب جسر على جهنم قال النبي صلى الله عليه وسلم : فأكون أول من يجوزه ، ودعوة الرسل يومئذ : اللهم سلم سلم ، وبه كلاليب مثل شوك السعدان ، هل [ ص: 451 ] تدرون شوك السعدان ؟ قالوا : نعم ، يا رسول الله . قال : فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله ، فتخطف الناس بأعمالهم ، فمنهم الموبق بعمله ، ومنهم المخردل ، ثم ينجو حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده ، وأراد أن يخرج من النار من أراد ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله أمر الله الملائكة أن يخرجوهم ، فيعرفونهم بعلامة آثار السجود ، قال : وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود قال : فيخرجونهم قد امتحشوا فيصب عليهم ماء يقال له : ماء الحياة ، فينبتون نبات الحبة في حميل السيل ، قال : ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار ، فيقول : يا رب قد قشبني ريحها ، وأحرقني ذكاؤها ، فاصرف وجهي عن النار ، فلا يزال يدعو ، فيقول الله جل وعلا : فلعلي إن أعطيتك ذلك أن تسألني غيره ، فيقول : لا وعزتك لا أسألك غيره ، فيصرف وجهه عن النار ، ثم يقول بعد ذلك : يا رب ، قربني إلى باب الجنة ، فيقول جل وعلا : أليس قد زعمت أن لا تسألني غيره ؟ ويلك يا ابن آدم ما أغدرك ! فلا يزال يدعو ، فيقول جل وعلا : فلعلك إن أعطيتك ذلك أن تسألني غيره ، فيقول : لا وعزتك لا أسألك غيره ، ويعطي الله من عهود ومواثيق أن لا يسأله غيره ، فيقربه إلى باب الجنة فلما [ ص: 452 ] قربه منها انفهقت له الجنة ، فإذا رأى ما فيها سكت ما شاء الله أن يسكت ، ثم يقول : يا رب أدخلني الجنة ، فيقول جل وعلا : أليس قد زعمت أن لا تسألني غيره ، ويلك يا ابن آدم ما أغدرك ! فيقول : يا رب لا تجعلني أشقى خلقك ، قال : فلا يزال يدعو حتى يضحك جل وعلا ، فإذا ضحك منه أذن له بالدخول دخول الجنة ، فإذا دخل قيل له : تمن كذا وتمن كذا . فيتمنى حتى تنقطع به الأماني ، فيقول جل وعلا : هو لك ومثله معه .

                                                                                                                          قال أبو سعيد : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : هو لك وعشرة أمثاله ، فقال أبو هريرة : حفظت : هو لك ومثله معه وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولا .


                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية