الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ المسألة ] السادسة : لا يشترط في الشرط أن يكون متأخرا عن [ ص: 444 ] المشروط في اللفظ ، حتى يكون كالاستثناء ; بل الأصل تقديمه ، لأنه متقدم في الوجود ، ولأنه قسم من الكلام ، فكان له الصدر كالاستفهام والتمني . ويجوز تأخره لفظا ، كقوله : أنت طالق إن دخلت الدار .

                                                      قال في " المحصول " : ولا نزاع في جواز تقديمه ، وتأخيره ، وإنما النزاع في الأولى ، ويشبه أن يكون الأحرى هو التقديم ، خلافا للفراء

                                                      قلت : قوله لا نزاع في تقديمه وتأخيره مردود ، فمذهب البصريين أن الشرط له صدر الكلام كالاستفهام ، فلا يتقدم عليه الجواب . فإن تقدم عليه شبه بالجواب ، وليس بجواب . وجوزه الكوفيون ، فنحو أنت طالق إن دخلت الدار ، تقديره عند البصريين : أنت طالق إن دخلت الدار فأنت طالق ، ولا تقدير عند الكوفيين ; بل هو جواب مقدم من تأخير ، ورد بأنه لو كان كذلك لما افترق المعنيان ، وهما مفترقان . ففي التقديم مبنى الكلام على الجزم ، ثم طرأ التوقف ، وفي التأخير مبنى الكلام من أوله على الشرط . وبهذا يظهر قول الإمام : إن الأولى تقديم الشرط . وما حكاه عن الفراء غريب . وقال الصفي : في صحة النقل نظر وإن صح النقل فضعفه بين

                                                      وقال " شارح اللمع " : يجوز أن يتقدم الشرط في اللفظ ، كما يجوز تأخيره ، قياسا على الاستثناء على الأصح ، لأنه لا فرق بين قوله : أنت طالق إن دخلت الدار ، وبين قوله : إن دخلت الدار فأنت طالق .

                                                      قال : ومن شرطه أن يقصد إلى الشرط . فإن جاء به على جهة العادة لم يصح على المشهور . وفي الوقت الذي يعتبر فيه القصد وجهان [ ص: 445 ] كالاستثناء . قلت : لو قال لزوجته : طلقي نفسك ثلاثا إن شئت ، فطلقت واحدة يقع . ولو قال : إن شئت طلقي نفسك ثلاثا فطلقت واحدة . قال ابن القاص : لا يقع شيء . ووافقه الأصحاب ; وكان ينبغي أن يقع واحدة لجواز تقدم الشرط وتأخره .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية