الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 906 ) فصل : إذا علم المأمومون بتركه التشهد الأول ، قبل قيامهم ، وبعد قيام إمامهم ، تابعوه في القيام ، ولم يجلسوا للتشهد . حكاه الآجري عن أحمد ، وقال : هذا قول مالك ، والشافعي ، وأبي ثور ، وأهل العراق . ولا نعلم فيه خلافا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سها عن التشهد الأول وقام ، قام الناس معه ، وفعله جماعة من الصحابة ممن صلى بالناس ، نهضوا في الثانية عن الجلوس ، فسبحوا بهم ، فلم يلتفتوا إلى من سبح بهم ، وبعضهم أومأ إليهم بالقيام ، فقاموا . قالوا ومما احتج به أحمد من فعل الصحابة ، أنهم كانوا يقومون معه .

                                                                                                                                            قال : حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا : المسعودي ، عن هلال بن علاثة قال : { صلى بنا المغيرة بن شعبة ، فلما صلى ركعتين قام ولم يجلس ، فسبح به من خلفه ، فأشار إليهم أن قوموا ، فلما فرغ من صلاته سلم ، وسجد سجدتين وسلم ثم قال : هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم } قال : وحدثنا وكيع قال : أخبرنا عمران بن حدير ، عن مضر بن عاصم الليثي ، قال : أوهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في القعدة ، فسبحوا به ، فقال : سبحان الله هكذا . أي قوموا . وروي بإسناده مثل ذلك عن سعد . ورواه الآجري عن ابن مسعود وعن عقبة بن عامر ، وقال : إني سمعتكم تقولون سبحان الله لكيما أجلس ، فليست تلك السنة ، إنما السنة التي صنعت .

                                                                                                                                            وقد ذكرنا حديث ابن بحينة فأما إن سبحوا به قبل قيامه فلم يرجع ، تشهدوا ، لأنفسهم ، ولم يتبعوه في تركه ; لأنه ترك واجبا تعين فعله عليه ، فلم يكن لهم متابعته في تركه . ولو رجع إلى التشهد بعد شروعه في القراءة لم يكن لهم متابعته في ذلك ; لأنه أخطأ .

                                                                                                                                            فأما الإمام ، فمتى فعل ذلك عالما بتحريمه ، بطلت صلاته ; لأنه زاد في الصلاة من جنسها عمدا ، أو ترك واجبا عمدا ، وإن كان جاهلا بالتحريم أو ناسيا ، لم تبطل ; لأنه زاد في الصلاة سهوا . ومتى علم بتحريم ذلك وهو في التشهد ، نهض ، ولم يتم الجلوس . ولو ذكر الإمام التشهد قبل انتصابه ، وبعد قيام المأمومين ، وشروعهم في القراءة ، فرجع ، لزمهم الرجوع ; لأن الإمام رجع إلى واجب ، فلزمهم متابعته ولا اعتبار بقيامهم قبله

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية