الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( مسألة ) قال ابن عرفة : ولو سلم يعني المأموم وانصرف لظن سلام إمامه ثم رجع قبله حمله عنه إمامه ، ولو رجع بعده سلم وأحببت سجوده بعد ابن القاسم عن مالك يسجد قبل ، انتهى .

                                                                                                                            ونقله في النوادر وفي رسم العشور ورسم يوصي أن ينفق على أمهات أولاده من سماع عيسى ما يقتضي الخلاف في ذلك ونص ما في رسم العشور قيل لأصبغ ما تقول في إمام صلى بقوم فسها في صلاته سهوا يكون سجوده بعد السلام فلما كان في التشهد الأخير سمع أحدهم شيئا فظن أنه قد سلم الإمام فسلم ثم سجد سجدتين ثم سمع سلام الإمام فسلم أيضا وسجد الإمام فسجد معه . قال : يعيد الصلاة إذا كان قد سلم قبل سلامه وسجد ابن رشد . قوله : " يعيد الصلاة إذا كان قد سلم قبل سلامه وسجد " صحيح على القول بأن السلام على طريق السهو يخرج المصلي عن صلاته فلما كان يخرج به عن صلاته أبطل سجوده الرجوع إليها وأوجب عليه استئنافها ، وذلك مثل قوله في المدونة فيمن سلم من ركعتين ساهيا ثم أكل أو شرب ولم يطل : إنه يبتدئ ولا يبني

                                                                                                                            وأما على القول بأن السلام على طريق السهو لا يخرج المصلي عن صلاته فيجب أن يحمل الإمام عنه السجود الذي سجد بعد أن سلم قبل أن يسلم الإمام ; لأنه في حكمه فيرجع إلى صلاته بغير تكبير ويسلم بعد سلامه ولا سجود عليه ; لأن سهوه في داخل صلاة الإمام ويجب على هذا القول في مسألة المدونة أنه يبني على صلاته ويسجد بعد السلام كما لو أكل في أثناء صلاته دون أن يسلم ولم يطل ذلك ، وقد روى علي بن زياد في المجموعة عن مالك على قياس هذا القول في إمام سلم من اثنتين ساهيا وسجد للسهو ثم ذكر أنه سها يتم صلاته ويعيد سجود السهو ، وقال سحنون : وكذلك لو كان قبل السلام لأعادهما ، وهذا يبين ما ذكرنا فيمن ظن أن الإمام سلم فسلم قبل سلامه فعلم قبل أن يسلم أنه يرجع إلى الصلاة بغير تكبير على القول بأن السلام على طريق السهو لا يخرج به من الصلاة وتكبير على القول بأنه يخرج به من الصلاة ، وأما إن لم يعلم حتى سلم الإمام فيسلم بعد سلامه وتجزئه صلاته على القول بأن السلام على طريق السهو يخرج به من صلاته إذ لا يصح أن يرجع إلى صلاته في حكم الإمام بعد خروج الإمام عنها فهذا وجه القول في هذه المسألة وتحصيله انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن أبي زيد في النوادر بعد ذكره المسألة قال أبو محمد لعل أصبغ يريد أنه سلم أولا على شك ، انتهى . ونص ما في رسم يوصي . سئل عمن صلى بقوم المغرب فسلم من ركعتين فسبح به فقام فاستأنف الصلاة واتبعوه ، فقال : أما هو فقد تمت صلاته وأما من خلفه فيعيدون في الوقت وبعده إن كانوا لم يسلموا ابن رشد .

                                                                                                                            ظاهر قوله تمت صلاته يوجب أن سلامه على طريق السهو أخرجه عن صلاته وقد روي عن ابن أبي زيد أنه قال إنما يصح قوله هذا إن سلم عامدا أو تعمد القطع بعد سلامه ساهيا فذهب ابن أبي زيد إلى أن سلامه على طريق السهو لا يخرجه عن صلاته مثل ما يأتي في رسم أسلم بعد هذا وإلى هذا ذهب ابن المواز وحكاه عن مالك وبنى عليه مسائل فقال فيمن دخل مع الإمام في التشهد الأخير فلما سلم الإمام وقام هو فقضى صلاته رجع الإمام فقال : إني كنت أسقطت سجدة إنه ينظر فإن كان ركع الركعة [ ص: 42 ] الأولى من قضائه في حد لو رجع الإمام له لصح له الرجوع إلى إصلاح صلاته ألغى تلك الركعة ; لأنه صلاها في حكم الإمام وإن كان لم يركع في الركعة الأولى من قضائه إلا بعد أن فات الإمام الرجوع إلى إصلاح صلاته صحت له تلك الركعة وسجد قبل السلام ; لأنه قرأ الحمد في حكم الإمام فكأنه أسقطها فالسلام من الصلاة إن كان سهوا غير قاصد إلى التحلل من الصلاة وكان في غير موضع السلام فهو سهو دخل عليه يسجد له بعد السلام وإن كان في موضع السلام أجزأه من السلام وتحلل به إلا أن لا يقصد به التحلل من الصلاة مثل من نسي السلام الأول وسلم على من على يمينه فلا يجزئه على مذهب مالك ويجزئه على مذهب ابن المسيب وابن شهاب من أن تكبيرة الركوع تجزئ عن تكبيرة الإحرام ، وإن سلم قاصدا إلى تسليم التحلل من الصلاة فإن كان ذلك وهو يعلم أن الصلاة لم تتم فذلك يقطعها ويخرجه عنها ، وإن كان وهو يظن أن الصلاة تمت فكان ذلك كمن ظن خرج من الصلاة بالسلام ، وإن لم يكن على ما ظن وتبين له أنه قد سها فيما ظن وأنه لم يكمل الصلاة فهذا هو الاختلاف المذكور في خروجه عن الصلاة بالسلام فهذا تحصيل القول في هذه المسألة انتهى .

                                                                                                                            وقوله في القسم الأول إذا سلم غير قاصد إلى التحلل إنه إن كان في موضعه أجزأه هو أحد القولين المشهورين اللذين قال المصنف فيهما وفي اشتراط نية الخروج به خلاف وقوله إلا أن يقصد به التحلل من الصلاة صوابه إلا أن يقصد به عدم التحلل كالمثال المذكور وبه يصح الكلام فتأمله ، وقال في المقدمات السلام من الصلاة بمنزلة الإحرام فكما أنه لا يدخل إلا بتكبيرة ينوي بها الدخول في الصلاة لا يخرج منها إلا بتسليمة ينوي بها الخروج من الصلاة ، فإن سلم في آخر صلاته ولا نية له أجزأه ذلك لما تقدم من نيته إذ ليس عليه أن يجدد النية لكل ركن من أركان الصلاة وإن نسي السلام الأول وسلم السلام الثاني لم يجزه على مذهب مالك وأجزأه على ما تأولناه على مذهب ابن المسيب وابن شهاب وإن سلم ساهيا قبل تمام صلاته لم يخرج بذلك عن صلاته بإجماع فليتم صلاته ويسجد لسهوه إن كان وحده أو إماما ، انتهى . وانظر بقيته والله تعالى أعلم

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية