الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب الكفالة بالنفس فإن لم يواف به فعليه المال

( قال رحمه الله ) : وإذا كان لرجل على رجل مال فكفل رجل بنفس المطلوب فإن لم يواف به إلى وقت كذا فعليه ماله عليه ، وهو كذا . فمضى الأجل قبل أن يوافيه به ; فالمال لازم له عندنا استحسانا وكان ابن أبي ليلى رحمه الله يقول لا يلزمه المال ، وهو القياس ; لأنه علق التزام المال بالخطر . وتعلق التزام المال بالخطر باطل ، كالإقرار لأنه إنما يعلق بالأخطار ما يجوز أن يحلف به ولهذا لا يجوز تعليق الكفالة بسائر الشروط فكذلك بخطر عدم الموافاة وللاستحسان [ ص: 177 ] وجهان : أحدهما أنه يحمل على التقديم والتأخير ، فيجعل كأنه كفل بالمال في الحال ثم علق البراءة على الكفالة بالموافاة بنفسه والموافاة تصلح سببا للبراءة عما التزمه بالكفالة .

والتقديم والتأخير في الكلام صحيح . فإذا أمكن في هذا الوجه تصحيح كلامه حمل عليه وللتحرز عن الغاية . والثاني : أن هذا متعارف فيما بين الناس ; فإن رغبة الناس في الكفالة بالنفس أكثر منه بالكفالة بالمال ، فللطالب أن يرضى بأن يكفل بنفسه على أنه إن لم يواف به يكون كفيلا بالمال حينئذ . وفيه يحصل مقصوده فإنه يجد في طلبه ليسلمه إلى خصمه ، فيتمكن من استيفاء الحق منه وإن لم يفعل يصير كفيلا بالمال فقد بينا أن سبب كفالته بالنفس هو المال الذي ادعاه قبله ، ويكون للحقين اتصال من هذا الوجه فإذا عين الكفالة بأحدهما وأخر الكفالة الثانية إلى وقت عدم الموافاة ; كان صحيحا وإذا لم يواف بنفسه حتى لزمه المال ; لا يبرأ من الكفالة بالنفس ; لأنه لا منافاة بين الكفالتين .

( ألا ترى ) أنه لو كفل بهما معا كان صحيحا . وبعد ما صحت الكفالة بالنفس لا يستفيد البراءة عنها إلا بالموافاة بالنفس ولم يوجد ذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية