الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : قل أندعو من دون الله الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قل أندعو من دون الله هذا مثل ضربه الله للآلهة وللدعاة الذين يدعون إلى الله ، كمثل رجل ضل عن الطريق تائها ضالا ، إذ ناداه مناد : فلان بن فلان هلم إلى الطريق ، وله أصحاب يدعونه : يا فلان بن فلان هلم إلى الطريق ، فإن اتبع الداعي الأول انطلق به حتى يلقيه في هلكة ، وإن أجاب من يدعو إلى الهدى اهتدى إلى الطريق ، وهذه الداعية التي تدعو في البرية الغيلان ، يقول : مثل من يعبد هذه الآلهة من دون الله ، فإنه يرى أنه في شيء حتى يأتيه الموت فيستقبل الهلكة والندامة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : كالذي استهوته الشياطين في الأرض يقول : أضلته ، وهم الغيلان يدعونه باسمه واسم أبيه وجده ، فيتبعها ، ويرى أنه في شيء ، فيصبح وقد ألقته في هلكة ، وربما أكلته ، أو تلقيه في مضلة من الأرض يهلك فيها عطشا ، فهذا مثل من أجاب الآلهة التي تعبد من دون الله .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 94 ] وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن السدي في قوله : قل أندعو من دون الله الآية ، قال : قال المشركون للمؤمنين : اتبعوا سبيلنا واتركوا دين محمد ، فقال الله : قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا فهذه الآلهة ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله فيكون مثلنا كمثل الذي استهوته الشياطين في الأرض يقول : مثلكم إن كفرتم بعد الإيمان كمثل رجل كان مع قوم على الطريق ، فضل الطريق ، فحيرته الشياطين ، واستهوته في الأرض ، وأصحابه على الطريق، فجعلوا يدعونه إليهم يقولون : ائتنا فإنا على الطريق فأبى أن يأتيهم ، فذلك مثل من يتبعكم بعد المعرفة لمحمد صلى الله عليه وسلم ، ومحمد صلى الله عليه وسلم الذي يدعو إلى الطريق ، والطريق هو الإسلام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد في قوله : قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا قال : الأوثان ، وفي قوله : كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران قال : رجل حيران يدعو أصحابه إلى الطريق ، فذلك مثل من يضل بعد إذ هدي .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 95 ] وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : كالذي استهوته الشياطين الآية ، قال : هو الرجل الذي لا يستجيب لهدى الله ، وهو رجل أطاع الشيطان ، وعمل في الأرض بالمعصية ، وجار عن الحق وضل عنه ، وله أصحاب يدعونه إلى الهدى ويزعمون أن الذي يأمرونه به هدى الله ، يقول الله ذلك لأوليائهم من الإنس ، يقول : إن الهدى هدى الله والضلالة ما يدعو إليه الجن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة في الآية قال : خصومة علمها الله محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه يخاصمون بها أهل الضلالة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن الأنباري في المصاحف ، عن أبي إسحاق قال : في قراءة عبد الله " كالذي استهواه الشيطان " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن الأنباري ، عن أبي إسحاق قال : في قراءة عبد الله : [ ص: 96 ] " يدعونه إلى الهدى بينا " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ ، عن مجاهد قال : في قراءة ابن مسعود " يدعونه إلى الهدى بينا " قال : الهدى الطريق إنه بين .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية