الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8565 ) فصل : إذا ادعى إنسان على إنسان حقا ، وأقام به شاهدين فلم يعرف الحاكم عدالتهما ، فسأل حبس غريمه حتى تثبت عدالة شهوده ، أجيب إلى ذلك ; لأن الظاهر من المسلمين العدالة ، ولأن الذي على الغريم قد أتى به ، وإنما بقي ما على الحاكم ، وهو الكشف عن عدالة الشهود .

                                                                                                                                            وإن أقام شاهدا واحدا وسأل حبس غريمه ليقيم شاهدا آخر ، وكان الحق مما لا يثبت إلا بشاهدين ، لم يحبس المدعى عليه ; لأن البينة ما تمت ، والحبس عذاب ، فلا يتوجه عليه دون تمام البينة وإن كان الحق مما يثبت بشاهد ويمين ففيه وجهان أحدهما ، يحبس له ; لأن الشاهد الواحد حجة في المال ، وإنما اليمين مقوية له . والثاني ، لا يحبس . وهو الصحيح ; لأنه إن حبس ليقيم شاهدا آخر يتم به البينة ، فهو كالحقوق التي لا تثبت إلا بشاهدين ، وإن حبس ليحلف معه ، فلا حاجة إليه ، فإن الحلف ممكن في الحال ، فإن حلف ، ثبت حقه ، وإلا ، لم يجب شيء .

                                                                                                                                            ويحتمل أن يقال إن كان المدعي باذلا لليمين ، والتوقف لأجل إثبات عدالة الشاهد ، حبس لما ذكرنا في التي قبلها وإن كان التوقف عن الحكم بغير ذلك ، لم يحبس ; لما ذكرناه ، قال القاضي : وكل موضع حبس فيه بشاهدين ، استديم الحبس حتى تثبت عدالة الشهود أو فسقهم ، وكل موضع حبس فيه بشاهد واحد فإنه يقال للمشهود له : إن جئت بشاهد آخر إلى ثلاث وإلا أطلقناه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية