الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              وفيها مسألة بديعة ; وهي : [ ص: 17 ] المسألة الثامنة عشرة : [ مسألة بديعة ، تثنية الاستثناء في الجملة الواحدة ] : وهي تثنية الاستثناء في الجملة الواحدة وهي ترد على قسمين : أحدهما : أن يتكرر ، ويكون الثاني من الأول ، كقوله تعالى : { إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته } .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : أن يكون جميعا من الأول ، كقوله هاهنا : إلا ما يتلى عليكم إلا الصيد وأنتم محرمون ، فقوله : { إلا ما يتلى عليكم } استثناء من بهيمة الأنعام على أحد القولين وأظهرهما ، وقوله : إلا الصيد استثناء آخر أيضا معه .

                                                                                                                                                                                                              وقد مهدنا ذلك في كتاب ملجئة المتفقهين إلى معرفة غوامض النحويين "

                                                                                                                                                                                                              المسألة التاسعة عشرة : في تمثيل لهذا التقدير من حديث النبي صلى الله عليه وسلم : وذلك ما روي { أن أبا قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة وهم محرمون وأنا حل على فرس لي ، فكنت أرقى على الجبال ، فبينما أنا كذلك إذ رأيت الناس مشرفين لشيء ، فذهبت لأنظر ، فإذا هو حمار وحشي ، فقلت لهم : ما هذا ؟ فقالوا : لا ندري . فقلت : هو حمار وحشي . قالوا : هو ما رأيت . وكنت نسيت سوطي . فقلت لهم : ناولوني سوطي . فقالوا : لا نعينك عليه ، فنزلت وأخذته ثم صرت في أثره ، فلم يكن إلا ذاك حتى عقرته ; فأتيت إليهم فقلت : قوموا فاحتملوا . فقالوا : لا نمسه ، فحملته حتى جئتهم به ، فأبى بعضهم ، وأكل بعضهم . قلت : أنا أستوقف لكم النبي صلى الله عليه وسلم فأدركته ، فحدثته الحديث ، فقال لي : أبقي معكم منه شيء ؟ قلت : نعم . قال : فكلوا فهو طعمة أطعمكموها الله }

                                                                                                                                                                                                              . فأحل لهم الحمر مطلقا إلا ما يتلى عليهم ، إلا ما صادوه وهم محرمون منها ; وما صاده غيرهم فهو حلال لهم ، فإنما حرم عليهم منه ما وقع إليهم بصيدهم ، إلى تفصيل يأتي بيانه إذا صيد لهم ، فإن حرم فإنما هو بدليل آخر غير هذه الآية .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية