سُورَةُ الْأَنْعَامِ مِائَةٌ وَسِتٌّ وَسَبْعُونَ آيَةً مَكِّيَّةٌ ، أَوْ مَدَنِيَّةٌ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=2هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=3وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=4وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=5فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=7وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=9وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=10وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=11قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) .
الطِّينُ : مَعْرُوفٌ يُقَالُ مِنْهُ طَانَ الْكَتَّانَ يَطِينُهُ وَطِنْهُ يَا هَذَا . الْقَرْنُ : الْأُمَّةُ الْمُقْتَرِنَةُ فِي مُدَّةٍ مِنَ الزَّمَانِ ، وَمِنْهُ خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي ، وَأَصْلُهُ الِارْتِفَاعُ عَنِ الشَّيْءِ ، وَمِنْهُ قَرْنُ الْجَبَلِ ، فَسُمُّوا بِذَلِكَ لِارْتِفَاعِ السِّنِّ . وَقِيلَ : هُوَ مِنْ قَرَنْتُ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ; جَعَلْتُهُ بِجَانِبِهِ ، أَوْ مُوَاجِهًا لَهُ ، فَسُمُّوا بِذَلِكَ لِكَوْنِ بَعْضِهِمْ يُقْرَنُ بِبَعْضٍ . وَقِيلَ : سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ جَمَعَهُمْ زَمَانٌ لَهُ مِقْدَارٌ ، هُوَ أَكْثَرُ مَا يُقْرَنُ فِيهِ أَهْلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ . وَمُدَّةُ الْقَرْنِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15917زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى nindex.php?page=showalam&ids=12444وَإِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، أَوْ مِائَةُ سَنَةٍ ، قَالَهُ الْجُمْهُورُ ، وَقَدِ احْتَجُّوا لِذَلِكَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374368تَعِيشُ قَرْنًا ، فَعَاشَ مِائَةً ، وَقَالَ : أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ ، فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةٍ لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ " . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ يُؤَيِّدُ أَنَّهَا انْحِزَامُ ذَلِكَ الْقَرْنِ ، أَوْ ثَمَانُونَ سَنَةً ، رَوَاهُ
أَبُو صَالِحٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَوْ سَبْعُونَ سَنَةً ، حَكَاهُ
الْفَرَّاءُ ، أَوْ سِتُّونَ سَنَةً ، لِقَوْلِهِ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374369مُعْتَرَكُ الْمَنَايَا مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ ، أَوْ أَرْبَعُونَ . قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنُ سِيرِينَ ، وَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَكَذَا حَكَاهُ
الزَّهْرَاوِيُّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، أَوْ ثَلَاثُونَ . رُوِيَ عَنْ
أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ قَالَ : يَرَوْنَ أَنَّ مَا بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ ثَلَاثُونَ ، وَحَكَاهُ
النَّقَّاشُ ، أَوْ عِشْرُونَ ، حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ، أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَامًا ، أَوِ الْمِقْدَارُ الْوَسَطُ فِي أَعْمَارِ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ ، وَهَذَا حَسَنٌ; لِأَنَّ الْأُمَمَ السَّالِفَةَ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَعِيشُ أَرْبَعَمِائَةِ عَامٍ وَثَلَاثَمِائَةٍ ، وَمَا بَقِيَ عَامٌّ ، وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ ، وَمَا دُونَهُ . وَهَكَذَا الِاخْتِلَافُ الْإِسْلَامِيُّ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، كَأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى الطَّرَفِ الْأَقْصَى ، وَالطَّرَفِ الْأَدْنَى ، فَمَنْ نَظَرَ إِلَى الْغَايَةِ قَالَ : مِنَ السِّتِّينَ فَمَا فَوْقَهَا إِلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ ،
[ ص: 66 ] وَمَنْ نَظَرَ إِلَى الْأَدْنَى قَالَ : عِشْرُونَ وَثَلَاثُونَ وَأَرْبَعُونَ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : الْقَرْنُ أَنْ يَكُونَ وَفَاةُ الْأَشْيَاخِ ، ثُمَّ وِلَادَةُ الْأَطْفَالِ ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ) ، وَهَذِهِ يُشِيرُ
ابْنُ عَطِيَّةَ إِلَى مَنْ حَدَّدَ بِأَرْبَعِينَ فَمَا دُونَهَا طَبَقَاتٌ ، وَلَيْسَتْ بِقُرُونٍ . وَقِيلَ : الْقَرْنُ الْقَوْمُ الْمُجْتَمِعُونَ ، قُلْتُ : السُّنُونَ ، أَوْ كَثُرَتْ; لِقَوْلِهِ : خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي ، يَعْنِي أَصْحَابَهُ; وَقَالَ
قُسٌّ :
فِي الذَّاهِبِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْقُرُونِ لَنَا بَصَائِرُ
وَقَالَ آخَرُ :
إِذَا ذَهَبَ الْقَوْمُ الَّذِي كُنْتَ فِيهِمْ وَخُلِّفْتَ فِي قَوْمٍ فَأَنْتَ غَرِيبُ
وَقِيلَ : الْقَرْنُ الزَّمَانُ نَفْسُهُ ، فَيُقَدَّرُ قَوْلُهُ مِنْ قَرْنٍ مِنْ أَهْلِ قَرْنٍ . التَّمَكُّنُ ضِدُّ التَّعَذُّرِ ، وَالتَّمْكِينُ مِنَ الشَّيْءِ مَا يَصِحُّ بِهِ الْفِعْلُ مِنَ الْآيَاتِ وَالْقُوَى ، وَهُوَ أَتَمُّ مِنَ الْأَقْدَارِ; لِأَنَّ الْأَقْدَارَ إِعْطَاءُ الْقُدْرَةِ خَاصَّةً ، وَالْقَادِرُ عَلَى الشَّيْءِ ، قَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ; لِعَدَمِ الْآلَةِ . وَقِيلَ : التَّمْكِينُ مِنَ الشَّيْءِ : إِزَالَةُ الْحَائِلِ بَيْنَ الْمُتَمَكِّنِ وَالْمُمْكَنِ مِنْهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : مَكَّنَ لَهُ فِي الْأَرْضِ : جَعَلَ لَهُ مَكَانًا ، وَنَحْوُهُ أَرْضٌ لَهُ ، وَتَمْكِينُهُ فِي الْأَرْضِ : إِثْبَاتُهُ فِيهَا . الْمِدْرَارُ : الْمُتَتَابِعُ ، يُقَالُ : مَطَرٌ مِدْرَارٌ ، وَعَطَاءٌ مِدْرَارٌ ، وَهُوَ فِي الْمَطَرِ أَكْثَرُ ، وَمِدْرَارٌ مِفْعَالٌ مِنَ الدَّرِّ لِلْمُبَالَغَةِ ، كَمِذْكَارٍ وَمِئْنَاثٍ وَمِهْذَارٍ لِلْكَثِيرِ ذَلِكَ مِنْهُ . الْإِنْشَاءُ : الْخَلْقُ وَالْإِحْدَاثُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ ، وَكُلُّ مَنِ ابْتَدَأَ شَيْئًا ، فَقَدْ أَنْشَأَهُ ، وَالنَّشَأُ الْأَحْدَاثُ ، وَاحِدُهُمْ نَاشِئٌ ، كَقَوْلِكَ : خَادِمٌ وَخَدَمٌ . الْقِرْطَاسُ : اسْمٌ لِمَا يُكْتَبُ عَلَيْهِ مِنْ رَقِّ وَوَرَقٍ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ; قَالَ الشَّاعِرُ ، وَهُوَ
زُهَيْرٌ :
لَهَا أَخَادِيدُ مِنْ آثَارِ سَاكِنِهَا كَمَا تَرَدَّدَ فِي قِرْطَاسِهِ الْقَلَمُ
وَلَا يُسَمَّى قِرْطَاسًا ، إِلَّا إِذَا كَانَ مَكْتُوبًا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَكْتُوبًا ، فَهُوَ طِرْسٌ ، وَكَاغَدٌ ، وَوَرَقٌ ، وَكَسْرُ الْقَافِ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا ، وَأَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا ، وَهُوَ أَعْجَمِيٌّ ، وَجَمْعُهُ قَرَاطِيسُ . حَاقَ يَحِيقُ حَيْقًا وَحُيُوقًا وَحَيَقَانًا; أَيْ : أَحَاطَ ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ : وَلَا يُسْتَعْمَلُ ، إِلَّا فِي الشَّرِّ . قَالَ الشَّاعِرُ :
فَأَوْطَأَ جَرْدَ الْخَيْلِ عُقْرَ دِيَارِهِمْ وَحَاقَ بِهِمْ مِنْ بَأْسِ ضَبِّهِ حَائِقُ
وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : حَاقَ بِهِ عَادَ عَلَيْهِ وَبَالُ مَكْرِهِ . وَقَالَ
النَّضْرُ : وَجَبَ عَلَيْهِ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : دَارَ . وَقِيلَ : حَلَّ وَنَزَلَ ، وَمَنْ جَعَلَهُ مُشْتَقًّا مِنَ الْحَوْقِ ، وَهُوَ مَا اسْتَدَارَ بِالشَّيْءِ ، فَلَيْسَ قَوْلُهُ بِصَحِيحٍ ، لِاخْتِلَافِ الْمَادَّتَيْنِ ، وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ : أَصْلُهُ حَقَّ ، فَأُبْدِلَتِ الْقَافُ الْوَاحِدَةُ يَاءً ، كَمَا قَالُوا : فِي تَظَنَّنْتُ : تَظَنَّيْتُ; لِأَنَّهَا دَعْوَى لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهَا . سَخِرَ مِنْهُ : هَزَأَ بِهِ وَالسُّخْرِيَةُ وَالِاسْتِهْزَاءُ وَالتَّهَكُّمُ مَعْنَاهَا مُتَقَارِبٌ . عَاقِبَةُ الشَّيْءِ : مُنْتَهَاهُ وَمَا آلَ إِلَيْهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28977الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ) هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ : إِلَّا آيَتَيْنِ نَزَلَتَا
بِالْمَدِينَةِ ; وَهُمَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91قُلْ مَنْ أَنْزَلَ [ ص: 67 ] الْكِتَابَ ) وَمَا يَرْتَبِطُ بِهَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : نَزَلَتْ لَيْلًا
بِمَكَّةَ حَوْلَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجْأَرُونَ بِالتَّسْبِيحِ ، إِلَّا سِتَّ آيَاتٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=93وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=93وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=114وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=20الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ ) . انْتَهَى . وَعَنْهُ أَيْضًا وَعَنْ
مُجَاهِدٍ وَالْكَلْبِيِّ إِلَّا ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْهَا نَزَلَتْ
بِالْمَدِينَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ ) ، إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=153لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) . وَقَالَ
قَتَادَةُ : إِلَّا (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ ) . وَذَكَرَ
ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145قُلْ لَا أَجِدُ ) نَزَلَ
بِمَكَّةَ يَوْمَ عَرَفَةَ . وَمُنَاسَبَةُ افْتِتَاحِ هَذِهِ السُّورَةِ لِآخِرِ الْمَائِدَةِ; أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ مَا قَالَتْهُ
النَّصَارَى فِي
عِيسَى وَأُمِّهِ مِنْ كَوْنِهِمَا إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، وَجَرَتْ تِلْكَ الْمُحَاوَرَةُ ، وَذَكَرَ ثَوَابَ مَا لِلصَّادِقِينَ ، وَأَعْقَبَ ذَلِكَ بِأَنَّ لَهُ مُلْكَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ ، وَأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، ذَكَرَ بِأَنَّ الْحَمْدَ لَهُ الْمُسْتَغْرِقَ جَمِيعَ الْمَحَامِدِ ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَثْبُتَ مَعَهُ شَرِيكٌ فِي الْأُلُوهِيَّةِ ، فَيُحْمَدَ ، ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ ، وَالْمُقْتَضِيَةِ كَوْنَ مُلْكِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ لَهُ بِوَصْفِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ) لِأَنَّ الْمُوجِدَ لِلشَّيْءِ الْمُنْفَرِدَ بِاخْتِرَاعِهِ لَهُ الِاسْتِيلَاءُ وَالسَّلْطَنَةُ عَلَيْهِ ، وَلَمَّا تَقَدَّمَ قَوْلُهُمْ فِي
عِيسَى ، وَكُفْرُهُمْ بِذَلِكَ ، وَذِكْرُ الصَّادِقِينَ وَجَزَاءُهُمْ ، أَعْقَبَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ) ، بِجْعَلِ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورِ ) ، فَكَانَ ذَلِكَ مُنَاسِبًا لِلْكَافِرِ وَالصَّادِقِ ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ ) فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ ، وَتَفْسِيرُ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=164إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) فِي الْبَقَرَةِ . وَجَعَلَ هُنَا ، قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : لَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ ، وَتَأَمَّلْ لِمَ خُصَّتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ بِـ ( خَلَقَ ) ، وَالظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ بِـ ( جَعَلَ ) . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( جَعَلَ ) يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ ، إِذَا كَانَ
[ ص: 68 ] بِمَعْنَى أَحْدَثَ وَأَنْشَأَ ، كَقَوْلِهِ : ( جَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ) ، وَإِلَى مَفْعُولَيْنِ ، إِذَا كَانَ بِمَعْنَى صَيَّرَ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا ) . وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخَلْقِ وَالْجَعْلِ; أَنَّ الْخَلْقَ فِيهِ مَعْنَى التَّقْدِيرِ ، وَفِي الْجَعْلِ مَعْنَى التَّصْيِيرِ ، كَإِنْشَاءٍ مِنْ شَيْءٍ ، أَوْ تَصْيِيرِ شَيْءٍ شَيْئًا ، أَوْ نَقْلِهِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ ، وَمِنْ ذَلِكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=189وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ) لِأَنَّ الظُّلُمَاتِ مِنَ الْأَجْرَامِ الْمُتَكَاثِفَةِ ، وَالنُّورَ مِنَ النَّارِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=11جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا ) انْتَهَى . وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ ( جَعَلَ ) بِمَعْنَى صَيَّرَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ ) لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُصَيِّرُوهُمْ إِنَاثًا ، وَإِنَّمَا قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ : إِنَّهَا بِمَعْنَى سَمَّى ، وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيِّ ( جَعَلَ ) هُنَا هِيَ الَّتِي تَتَصَرَّفُ فِي طَرَفِ الْكَلَامِ ، كَمَا تَقُولُ : جَعَلْتُ أَفْعَلُ كَذَا ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : وَجَعْلُ إِظْلَامِهَا وَإِنَارَتِهَا تَخْلِيطٌ; لِأَنَّ تِلْكَ مِنْ أَفْعَالِ الْمُقَارَبَةِ تَدْخُلُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ ، وَهَذِهِ الَّتِي فِي الْآيَةِ ، تَعَدَّتْ إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ ، فَهُمَا مُتَبَايِنَانِ مَعْنًى وَاسْتِعْمَالًا ، وَنَاسَبَ عَطْفُ الصِّلَةِ الثَّانِيَةِ بِمُتَعَلِّقِهَا مِنْ جَمْعِ الظُّلُمَاتِ وَإِفْرَادِ النُّورِ عَلَى الصِّلَةِ الْأُولَى ، الْمُتَعَلِّقَةِ بِجَمْعِ السَّمَاوَاتِ ، وَإِفْرَادِ الْأَرْضِ . وَتَقَدَّمَ فِي الْبَقَرَةِ الْكَلَامُ عَلَى جَمْعِ السَّمَاوَاتِ ، وَإِفْرَادِ الْأَرْضِ ، وَجَمْعِ الظُّلُمَاتِ ، وَإِفْرَادِ النُّورِ ، وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ هُنَا بِـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ) فَقَالَ
قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَالْجُمْهُورُ : اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : الشِّرْكُ وَالنِّفَاقُ وَالْكُفْرُ ، وَالنُّورُ الْإِسْلَامُ وَالْإِيمَانُ وَالنُّبُوَّةُ وَالْيَقِينُ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : الْكُفْرُ وَالْإِيمَانُ ، وَهُوَ تَلْخِيصُ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَاسْتَدَلَّ لِهَذَا بِآيَةِ الْبَقَرَةِ . وَقَالَ
قَتَادَةُ أَيْضًا : الْجَنَّةُ وَالنَّارُ ، خَلَقَ الْجَنَّةَ وَأَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ نُورٍ ، وَالنَّارَ وَأَرْوَاحَ الْكَافِرِينَ مِنْ ظُلْمَةٍ ، فَيَوْمُ الْقِيَامَةِ يُحْكَمُ لِأَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْجَنَّةِ; لِأَنَّهُمْ مِنَ النُّورِ خُلِقُوا ، وَلِلْكَافِرِينَ بِالنَّارِ; لِأَنَّهُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ خُلِقُوا . وَقِيلَ : الْأَجْسَادُ وَالْأَرْوَاحُ ، وَقِيلَ : شَهَوَاتُ النُّفُوسِ وَأَسْرَارُ الْقُلُوبِ . وَقِيلَ : الْجَهْلُ وَالْعِلْمُ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : الْمُرَادُ حَقِيقَةُ الظُّلْمَةِ وَالنُّورِ; لِأَنَّ الزَّنَادِقَةَ كَانَتْ تَقُولُ : اللَّهُ يَخْلُقُ الضَّوْءَ وَكُلَّ شَيْءٍ حَسَنٍ ، وَإِبْلِيسُ يَخْلُقُ الظُّلْمَةَ وَكُلَّ شَيْءٍ قَبِيحٍ ، فَأُنْزِلَتْ رَدًّا عَلَيْهِمْ . وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ : فِيهِ قَوْلَانِ ، أَحَدُهُمَا : أَنَّهُمَا الْأَمْرَانِ الْمَحْسُوسَانِ ، وَهَذَا هُوَ الْحَقِيقَةُ ، وَالثَّانِي : مَا نُقِلَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ قَبْلُ ، وَهُوَ مَجَازٌ . وَقَالَ
الْوَاحِدِيُّ : يُحْمَلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ مَعًا ، لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَيْهِمَا انْتَهَى مُلَخَّصًا . وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ : لَيْسَتِ الظُّلْمَةُ عِبَارَةً عَنْ كَيْفِيَّةٍ وُجُودِيَّةٍ مُضَادَّةٍ لِلنُّورِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إِذَا جَلَسَ اثْنَانِ بِقُرْبِ السِّرَاجِ ، وَآخَرُ بِالْبُعْدِ مِنْهُ ، فَالْبَعِيدُ يَرَى الْقَرِيبَ ، وَيَرَى ذَلِكَ الْهَوَاءَ صَافِيًا مُضِيئًا ، وَالْقَرِيبُ لَا يَرَى الْبَعِيدَ ، وَيَرَى ذَلِكَ الْهَوَاءَ مُظْلِمًا ، فَلَوْ كَانَتِ الظُّلْمَةُ كَيْفِيَّةً وُجُودِيَّةً ، لَكَانَتْ حَاصِلَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى هَذَيْنِ الشَّخْصَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ ، وَحَيْثُ لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ، عَلِمْنَا أَنَّ الظُّلْمَةَ لَيْسَتْ كَيْفِيَّةً وُجُودِيَّةً ، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَنَقُولُ : عَدَمُ الْمُحْدَثَاتِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى وُجُودِهَا ، فَالظُّلْمَةُ مُتَقَدِّمَةٌ فِي التَّحْقِيقِ عَلَى النُّورِ ، فَوَجَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ فِي اللَّفْظِ . وَمِمَّا يُقَوِّي ذَلِكَ مَا رُوِيَ فِي الْأَخْبَارِ الْإِلَهِيَّةِ; أَنَّهُ تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ فِي ظُلْمَةٍ ، ثُمَّ رَشَّ عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374370إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمُ النُّورَ ، فَمَنْ أَصَابَهُ يَوْمَئِذٍ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ ، اهْتَدَى ، وَمَنْ أَخْطَأَ ضَلَّ " انْتَهَى . قَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْفَضْلِ : قَوْلُهُ فِي الظُّلْمَةِ خَطَأٌ ، بَلْ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ كَيْفِيَّةٍ وُجُودِيَّةٍ . مُضَادَّةٍ لِلنُّورِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ) وَالْعَدَمُ لَا يُقَالُ فِيهِ جَعَلَ ( ثُمَّ ) كَمَا تَقَرَّرَ فِي اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ ، أَصْلُهَا لِلْمُهْلَةِ فِي الزَّمَانِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : ( ثُمَّ ) دَالَّةٌ عَلَى قُبْحِ فِعِلِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الَّذِينَ كَفَرُوا ) لِأَنَّ الْمَعْنَى : أَنَّ خَلْقَهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَغَيْرَهَا ، قَدْ تَقَرَّرَ ، وَآيَاتِهِ قَدْ سَطَعَتْ ، وَإِنْعَامَهُ بِذَلِكَ
[ ص: 69 ] قَدْ تَبَيَّنَ ، ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ قَدْ عَدَلُوا بِرَبِّهِمْ ، فَهَذَا كَمَا تَقُولُ : يَا فُلَانُ أَعْطَيْتُكَ وَأَكْرَمْتُكَ وَأَحْسَنْتُ إِلَيْكَ ، ثُمَّ تَشْتُمُنِي أَيْ : بَعْدَ وُضُوحِ هَذَا كُلِّهِ . وَلَوْ وَقَعَ الْعَطْفُ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ بِالْوَاوِ ، لَمْ يَلْزَمِ التَّوْبِيخُ ، كَلُزُومِهِ بِـ ( ثُمَّ ) انْتَهَى . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : فَمَا مَعْنَى ( ثُمَّ ) قُلْتُ : اسْتِبْعَادُ أَنْ يَعْدِلُوا بِهِ بَعْدَ وُضُوحِ آيَاتِ قُدْرَتِهِ ، وَكَذَلِكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=2ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ ) اسْتِبْعَادُ لِأَنْ تَمْتَرُوا فِيهِ بَعْدَ مَا ثَبَتَ أَنَّهُ مُحْيِيهِمْ وَمُمِيتُهُمْ وَبَاعِثُهُمُ انْتَهَى . وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ
ابْنُ عَطِيَّةَ مِنْ أَنَّ ( ثُمَّ ) لِلتَّوْبِيخِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ أَنَّ ( ثُمَّ ) لِلِاسْتِبْعَادِ ، لَيْسَ بِصَحِيحٍ; لِأَنَّ ( ثُمَّ ) لَمْ تُوضَعْ لِذَلِكَ ، وَإِنَّمَا التَّوْبِيخُ أَوِ الِاسْتِبْعَادُ مَفْهُومٌ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ ، لَا مِنْ مَدْلُولِ ( ثُمَّ ) ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ النَّحْوِيِّينَ ذَكَرَ ذَلِكَ ، بَلْ ( ثُمَّ ) هُنَا لِلْمُهْلَةِ فِي الزَّمَانِ ، وَهِيَ عَاطِفَةٌ جُمْلَةً اسْمِيَّةً عَلَى جُمْلَةٍ اسْمِيَّةٍ ، أَخْبَرَ تَعَالَى بِأَنَّ الْحَمْدَ لَهُ ، وَنَبَّهَ عَلَى الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْحَمْدِ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ ، وَهِيَ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَالظُّلُمَاتِ وَالنُّورِ ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ الْكَافِرِينَ بِهِ يَعْدِلُونَ فَلَا يَحْمَدُونَهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : عَلَامَ عُطِفَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ) . قُلْتُ : إِمَّا عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ ) عَلَى مَعْنَى أَنَّ اللَّهَ حَقِيقٌ بِالْحَمْدِ عَلَى مَا خَلَقَ; لِأَنَّهُ مَا خَلَقَهُ إِلَّا نِعْمَةً (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ) فَيَكْفُرُونَ نِعَمَهُ ، وَإِمَّا عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ) عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ خَلَقَ مَا خَلَقَ مِمَّا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ سِوَاهُ ، ثُمَّ هُمْ يَعْدِلُونَ بِهِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ انْتَهَى . وَهَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي الَّذِي جَوَّزَهُ ، لَا يَجُوزُ; لِأَنَّهُ إِذْ ذَاكَ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى الصِّلَةِ ، وَالْمَعْطُوفُ عَلَى الصِّلَةِ صِلَةٌ ، فَلَوْ جَعَلْتَ الْجُمْلَةَ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ) صِلَةً لَمْ يَصِحَّ هَذَا التَّرْكِيبُ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا رَابِطٌ يَرْبُطُ الصِّلَةَ بِالْمَوْصُولِ ، إِلَّا إِنْ خُرِّجَ عَلَى قَوْلِهِمْ
أَبُو سَعِيدٍ الَّذِي رَوَيْتُ عَنِ
الْخُدْرِيِّ ; يُرِيدُ رَوَيْتُ عَنْهُ ، فَيَكُونُ الظَّاهِرُ قَدْ وَقَعَ مَوْقِعَ الْمُضْمَرِ ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ : ( ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِهِ يَعْدِلُونَ ) ، وَهَذَا مِنَ النُّدُورِ بِحَيْثُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ ، وَلَا يَجْمُلُ كِتَابُ اللَّهِ عَلَيْهِ مَعَ تَرْجِيحِ حَمْلِهِ عَلَى التَّرْكِيبِ الصَّحِيحِ الْفَصِيحِ . ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا ) الظَّاهِرُ فِيهِ الْعُمُومُ ، فَيَنْدَرِجُ فِيهِ عَبْدَةُ الْأَصْنَامِ ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ ، عَبَدَتِ
النَّصَارَى الْمَسِيحَ ،
وَالْيَهُودُ عُزَيْرًا ، وَاتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ،
وَالْمَجُوسُ عَبَدُوا النَّارَ ،
وَالْمَانَوِيَّةُ عَبَدُوا النُّورَ ، وَمَنْ خَصَّصَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْمَانَوِيَّةِ ،
كَقَتَادَةَ أَوْ بِعَبَدَةِ الْأَصْنَامِ أَوْ
بِالْمَجُوسِ ، حَيْثُ قَالُوا : الْمَوْتُ مِنْ أَهْرَمَنْ ، وَالْحَيَاةُ مِنَ اللَّهِ ، أَوْ بِأَهْلِ الْكِتَابِ
كَابْنِ أَبِي أَبْزَى ، فَلَا يَظْهَرُ لَهُ دَلِيلٌ عَلَى التَّخْصِيصِ ، وَالْبَاءُ فِي ( بِرَبِّهِمْ ) يُحْتَمَلُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِـ ( يَعْدِلُونَ ) ، وَتَكُونُ الْبَاءُ بِمَعْنَى ( عَنْ ) أَيْ يَعْدِلُونَ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ ، مِمَّا لَا يَخْلُقُ وَلَا يَقْدِرُ ، أَوْ يَكُونُ الْمَعْنَى يَعْدِلُونَ بِهِ غَيْرَهُ; أَيْ يُسَوُّونَ بِهِ غَيْرَهُ فِي اتِّخَاذِهِ رَبًّا وَإِلَهًا ، وَفِي الْخَلْقِ ، وَالْإِيجَادِ . وَعَدْلُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ; التَّسْوِيَةُ بِهِ . وَفِي الْآيَةِ رَدٌّ عَلَى
الْقَدَرِيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ : الْخَيْرُ مِنَ اللَّهِ ، وَالشَّرُّ مِنَ الْإِنْسَانِ ، فَعَدَلُوا بِهِ غَيْرَهُ فِي الْخَلْقِ وَالْإِيجَادِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=28977هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ) ظَاهِرُهُ أَنَّا مَخْلُوقُونَ مِنْ طِينٍ ، وَذَكَرَ ذَلِكَ
الْمَهْدَوِيُّ وَمَكِّيُّ وَالزَّهْرَاوِيُّ ، عَنْ فِرْقَةٍ ، فَالنُّطْفَةُ الَّتِي يُخْلَقُ مِنْهَا الْإِنْسَانُ أَصْلُهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=2مِنْ طِينٍ ) ، ثُمَّ يَقْلِبُهَا اللَّهُ نُطْفَةً . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهَذَا يَتَرَتَّبُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ : يَرْجِعُ بَعْدَ التَّوَلُّدِ وَالِاسْتَحَالَاتِ الْكَثِيرَةِ نُطْفَةً ، وَذَلِكَ مَرْدُودٌ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ انْتَهَى . وَقَالَ
النَّحَّاسُ : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ النُّطْفَةُ خَلَقَهَا اللَّهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=2مِنْ طِينٍ ) عَلَى الْحَقِيقَةِ ، ثُمَّ قَلَبَهَا حَتَّى كَانَ الْإِنْسَانُ مِنْهَا انْتَهَى . وَقَدْ رَوَى
أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ عَنْ
بُرَيْدَةَ بْنِ مَسْعُودٍ حَدِيثًا فِي الْخَلْقِ آخِرُهُ : " وَيَأْخُذُ التُّرَابَ الَّذِي يُدْفَنُ فِي بُقْعَتِهِ ، وَيَعْجِنُ بِهِ نُطْفَتَهُ " ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ
[ ص: 70 ] تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=55مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ ) الْآيَةَ . وَخُرِّجَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا وَقَدْ دَرَّ عَلَيْهِ مِنْ تُرَابِ حُفْرَتِهِ " . وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ مَا مُلَخَّصُهُ : وَعِنْدِي فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ ، وَهُوَ أَنَّ الْإِنْسَانَ مَخْلُوقٌ مِنَ الْمَنِيِّ ، وَمِنْ دَمِ الطَّمْثِ الْمُتَوَلِّدَيْنِ مِنَ الْأَغْذِيَةِ ، وَالْأَغْذِيَةُ حَيَوَانِيَّةٌ . وَالْقَوْلُ فِي كَيْفِيَّةِ تَوَلُّدِهَا كَالْقَوْلِ فِي الْإِنْسَانِ ، أَوْ نَبَاتِيَّةٌ ، فَثَبَتَ تَوَلُّدُ الْإِنْسَانِ مِنَ النَّبَاتِيَّةِ ، وَهِيَ مُتَوَلِّدَةٌ ( مِنَ الطِّينِ ) فَكُلُّ إِنْسَانٍ مُتَوَلِّدٌ . ( مِنَ الطِّينِ ) وَهَذَا الْوَجْهُ أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ انْتَهَى . وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَ أَنَّهُ عِنْدَهُ وَجْهٌ آخَرُ ، وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ هُوَ بَسْطُ مَا حَكَاهُ الْمُفَسِّرُونَ عَنْ فِرْقَةٍ . وَقَالَ فِيهِ
ابْنُ عَطِيَّةَ : هُوَ مَرْدُودٌ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ; يَعْنِي الْقَوْلَ : بِالتَّوَالُدِ وَالِاسْتَحَالَاتِ ، وَالَّذِي هُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ الْمَخْلُوقَ ( مِنَ الطِّينِ ) هُنَا هُوَ آدَمُ . قَالَ
قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ وَغَيْرُهُمْ : الْمَعْنَى خُلِقَ
آدَمُ ( مِنْ طِينٍ ) ، وَالْبَشَرُ مِنْ
آدَمَ ، فَلِذَلِكَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=2خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ) . وَذَكَرَ
ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374372النَّاسُ وَلَدُ آدَمَ ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ " . وَقَالَ بَعْضُ شُعَرَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ :
وَإِلَى عِرْقِ الثَّرَى وَشَجَتْ عُرُوقِي وَهَذَا الْمَوْتُ يَسْلِبُنِي شَبَابِي
وَفَسَّرَهُ الشُّرَّاحُ بِأَنَّ عِرْقَ الثَّرَى ، هُوَ آدَمُ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّأْوِيلُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، إِمَّا فِي ( خَلَقَكُمْ ) أَيْ خَلَقَ أَصْلَكُمْ ، وَإِمَّا فِي ( مِنْ طِينٍ ) أَيْ مِنْ عِرْقِ طِينٍ وَفَرْعِهِ .