الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8599 ) مسألة قال وإذا كان لرجل نصف عبد ولآخر ثلثه ولآخر سدسه فأعتق صاحب النصف وصاحب السدس معا وهما موسران عتق عليهما وضمنا حق شريكهما فيه نصفين وكان ولاؤه بينهما أثلاثا لصاحب النصف ثلثاه ولصاحب السدس ثلثه وجملته أن العبد إذا كان مشتركا بين جماعة فأعتق اثنان منهم أو أكثر وهم موسرون سرى عتقهم إلى باقي العبد ويكون الضمان بينهم على عدد رءوسهم يتساوون في ضمانه وولائه ، وبهذا قال الشافعي ، ويحتمل أن يقسم بينهما على قدر أملاكهم ، وهو قول مالك في إحدى الروايتين عنه لأن السراية حصلت بإعتاق ملكيهما ، وما وجب بسبب الملك كان على قدره كالنفقة واستحقاق الشفعة ولنا أن عتق النصيب إتلاف لرق الباقي وقد اشتركا فيه فيتساويان في الضمان كما لو جرح أحدهما جرحا والآخر جرحين فمات منهما أو ألقى أحدهما جزءا من النجاسة في مائع وألقى الآخر جزأين ، يفارق الشفعة فإنها تثبت لإزالة الضرر عن نصيب الذي لم يبع فكان استحقاقه على قدر نصيبه ، ولأن الضمان هاهنا لدفع الضرر منهما وفي الشفعة لدفع الضرر عنهما والضرر منهما يستويان في إدخاله على الشريك وفي الشفعة ضرر صاحب النصف أعظم من ضرر صاحب السدس فاختلفا وإذا ثبت هذا كان ولاؤه بينهما أثلاثا لأننا إذا حكمنا بأن الثلث معتق عليهما نصفين فنصف الثلث سدس إذا ضممناه إلى النصف الذي لأحدهما صار ثلثين ، وإذا ضممنا السدس الآخر إلى سدس المعتق صار ثلثا .

                                                                                                                                            وعلى الوجه الآخر يصير الولاء بينهما أرباعا لصاحب النصف ثلاثة أرباعه ، ولصاحب السدس ربعه ، والضمان بينهما كذلك [ ص: 293 ] فأما قوله فأعتقاه معا فلأنه شرط في الحكم الذي ذكرناه اجتماعهما في العتق بحيث لا يسبق أحدهما الآخر بأن يتلفظا به معا أو يوكل أحدهما صاحبه فيعتقهما معا أو يوكل وكيله فيعتقهما أو يعلقا عتقه على شرط فيوجد ، فإن سبق أحدهما صاحبه عتق عليه نصيب شريكيه جميعا وكان الضمان عليه والولاء له كله ، وقوله وهما موسران شرط آخر ، فإن سراية العتق يشترط لها اليسار ، فإن كان أحدهما موسرا وحده قوم عليه جميع نصيب من لم يعتق لأن المعسر لا يسري عتقه فيكون الضمان على الموسر خاصة ، فإن كان أحدهما يجد بعض ما يخصه قوم عليه ذلك القدر وباقيه على الآخر ، مثل أن يجد صاحب السدس قيمة نصف السدس فيقوم عليه ويقوم الربع على صاحب النصف ويصح ولاؤه بينهما أرباعا لصاحب السدس ربعه وباقيه لمعتق النصف لأنه لو كان أحدهما معسرا قوم الجميع على الآخر ، فإذا كان موسرا ببعضه قوم الباقي على صاحب النصف لأنه موسر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية