الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1159 [ ص: 110 ] حديث موفي عشرين لنافع عن ابن عمر

مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها

التالي السابق


لا خلاف عن مالك في لفظ هذا الحديث ، وكذلك رواه عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، كما رواه مالك سواء بمعنى واحد ، ورواه حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أجيبوا الدعوة إذا دعيتم لم يخص وليمة من غيرها ، وكذلك رواه موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي عليه السلام ، كرواية أيوب سواء ، ورواه معمر ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسا كان أو دعوة ، ورواه الزبيدي ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل رواية معمر بمعنى واحد . [ ص: 111 ] وقد أجمعوا على وجوب الإتيان إلى وليمة في العرس ، واختلفوا فيما سوى ذلك ، وقد ذكرنا اختلافهم في هذا الباب ، ومضى القول فيه مستوعبا في باب ابن شهاب ، عن الأعرج ، وفي باب إسحاق بن أبي طلحة - كتابنا هذا فلا وجه لإعادة ذلك هاهنا .

أخبرنا عبد الوارث بن سفيان ، قال حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال حدثنا محمد بن شاذان ، قال حدثنا المعلى ، قال حدثنا ابن أبي زائدة ، قال حدثنا عبد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها ، وكان ابن عمر إذا دعي أجاب ، فإن كان صائما ترك ، وإن كان مفطرا أكل .

أخبرنا عبد الله بن محمد ، قال حدثنا محمد بن بكر ، قال حدثنا أبو داود ، قال حدثنا الحسن بن علي ، قال حدثنا عبد الرزاق ، قال أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دعا أحدكم أخاه فليجب ، عرسا كان أو دعوة قال أبو داود ، وحدثنا ابن المصفى ، قال حدثنا بقية ، قال حدثنا الزبيدي ، عن نافع ، بإسناد أيوب ومعناه . [ ص: 112 ] أخبرنا عبد الوارث بن سفيان ، قال حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال حدثنا بكر بن حماد ، قال حدثنا مسدد ، قال حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجيبوا الدعوة إذا دعيتم وحدثنا سعيد بن نصر ، وعبد الوارث بن سفيان ، قالا حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق ، قال حدثنا إبراهيم بن حمزة ، قال حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أجيبوا الدعوة إذا دعيتم لها .

قال أبو عمر : من ذهب إلى أنه لا يجب إتيان الدعوة الوليمة ، زعم أن قوله هاهنا : أجيبوا الدعوة مجمل ، تفسيره : حديث مالك وعبيد الله ، إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها فقالوا الدعوة في هذا الحديث هي الدعوة إلى الوليمة ، بدليل ما في حديث مالك ، وعبيد الله من ذكر ذلك ; ومن ذهب إلى أن الوليمة ، وغيرها في إجابة الدعوة إليها سواء . احتج بظاهر قوله : أجيبوا الدعوة فأخذ بعموم هذا اللفظ ، وجعل ذكر الوليمة في حديث مالك ومن تابعه كأنه خرج على جواب السائل عن إجابة الوليمة ، قالوا أو ليس في ذلك ما يوجب الاقتصار على الوليمة دون غيرها ، كأنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عمن دعي [ ص: 113 ] إلى الوليمة ، فقال ليأتها من دعي إليها ، ولو سئل عن غيرها أيضا لقال مثل ذلك ، بدليل الآثار المروية عنه في هذا الباب ، وقد ذكرناها في باب إسحاق بن أبي طلحة من كتابنا هذا . واستدل أيضا من ذهب هذا المذهب بحديث معمر ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي عليه السلام : إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسا كان أو دعوة ، قالوا ففي هذا الحديث التسوية بين الوليمة وغيرها ، وقد ذكرنا القائلين بهذه الأقوال في باب ابن شهاب ، عن الأعرج من كتابنا هذا ، وقال قائلون من أهل العلم : من دعي إلى وليمة فليجب وليأكل إن كان مفطرا ، وإن كان صائما فليدع ، ولا يدع الأكل إلا أن يكون صائما ، إذا كان الطعام مما يحل أكله .

واحتجوا بحديث ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان مفطرا فليأكل ، وإن كان صائما فليصل - يقول وليدع .

حدثنا سعيد بن نصر ، وعبد الوارث بن سفيان ، قالا حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال حدثنا محمد بن وضاح ، قال حدثنا أبو بكر [ ص: 114 ] بن أبي شيبة ، قال حدثنا حفص بن غياث ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره ورواه أيوب ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، قوله قال أيوب : وكان محمد ينحو بأحاديث أبي هريرة نحو الرفع ، وقال آخرون : إذا أجاب فإن شاء أكل ، وإن شاء لم يأكل ; واحتجوا بما حدثناه عبد الله بن محمد ، قال حدثنا محمد بن بكر ، قال حدثنا أبو داود ، قال حدثنا محمد بن كثير ، قال حدثنا سفيان ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : من دعي فليجب فإن شاء طعم وإن شاء ترك وحدثنا سعيد بن نصر ، وعبد الوارث بن سفيان ، قالا حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال حدثنا محمد بن وضاح ، قال حدثنا محمد بن نمير ، قال حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دعي أحدكم فليجب فإن شاء أكل وإن شاء ترك وأما الطعام في الوليمة أو غيرها ، يكون فيه اللهو ، أو الخمر ، والمكروه من الأمور فقد ذكرنا ما للعلماء في ذلك ثم ذكر حديث ابن شهاب ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة في طعام الوليمة من كتابنا هذا ، والحمد لله .




الخدمات العلمية