الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ متى يجوز لنظام الملك الحج ]

        527 - ثم إذا تمهدت السبل ، وانزاحت العوائق والعلل ، وأظلت من الأمنة على الطارقين الظلل ، [ وآضت ] على البخاتي المجنحات [ ص: 371 ] والكلل ، وسفرت الحياض ، وحميت على الحجيج الرياض والغياض ، وعمرت الأميال ، وأقيمت على المتاعات الصوى ، والأطلال ، وتفقدت الآبار ، وتعهدت الأعلام والآثار ، ورتب على المياه العدة ، ذوو النجدة والعدة .

        وتمادت على اطراد المأمن المدة [ فإذ ] ذاك ينتهض صدر الزمان ، محفوفا بحفظ الله ورعايته ، مكفوفا بأنعمه وكلاءته ، والسعادة خدينه ، واليمن قرينه ، في كتيبة باسلة ، ترتج لها الأداني والأقاصي ، ويتطامن لوقع سنابكها الصياصي ، ويستكين لنجدتها النواصي .

        تخفق عليها رايته العلية ، [ ويسطع ] لألاء العلا من غرته البهية ، يجنبه النجاح ، ويحتوش موكبه الفلاح ، والبرية يطوي منازلها ، ويقرب مناهلها ، فيوافي الميقات [ ص: 372 ] المشرقي بذات عرق ، وأمره السامي منسحب على أقصى بلاد الشرق .

        هذه النهضة هي التي تليق بسدته المنيفة ، وساحته السامية الشريفة .

        528 - فأما مبادرة المناسك ، ومسارعة المدارك ، قبل استمرار المسالك ، فمحذور محرم محظور ، ومن جل في الدين خطره ، دق في مراتب الديانات نظره .

        529 - فهذه تراجم منبهة على مناظم المقاصد ، لا يجحدها جاحد ولا يأباها إلا معاند ، لم أوردها تشدقا ، ولم أتكلفها تعمقا ، ولكني رأيت إيضاحها في دين الله محتوما ، وكشفها فرضا متعينا مجزوما .

        فإن تعديت مراسم الأدب ، فالصدق قصدت ، والحق أردت وقد - والله - أوضحت وأبلغت وأنهيت حكم الله وبلغت . والله المستعان ، وعليه التكلان .

        530 - وقد حان أن أكف غربي ، وأستوقف في هذا الفن سربي ، وأستفتح فنا لا يثقل على الرأي السامي وقعه ، ويتخلد على معتقب الجديدين - إن شاء الله - نفعه .

        [ ص: 373 ] 531 - فأقول : ما قدمته مرامز إلى ما خص الله به صدر العالم من المنصب الأسمى ، في الاقتدار والإمكان ، والاحتكام على بني الزمان ، والاستمكان من ردع المتشوفين إلى العدوان .

        وهذه المعاني لا يطمع اللبيب في استيعاب ذكرها ومحاولة ( 198 ) إحصائها وحصرها ، والإحاطة بمبلغ قدرها ، ولو حاول الأرذلون والأدنون حظوظا من نعم الله أن يعدوها ، لم يستقصوها كما قال الله تعالى وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية