الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        273 - الحديث الثاني : عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما { أنه كان يسير على جمل فأعيا ، فأراد أن يسيبه . فلحقني [ ص: 523 ] النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لي ، وضربه . فسار سيرا لم يسر مثله . ثم قال : بعنيه بوقية . قلت : لا . ثم قال : بعنيه . فبعته بأوقية . واستثنيت حملانه إلى أهلي . فلما بلغت : أتيته بالجمل . فنقدني ثمنه . ثم رجعت . فأرسل في إثري . فقال : أتراني ماكستك لآخذ جملك ؟ خذ جملك ودراهمك . فهو لك . }

                                        التالي السابق


                                        في الحديث علم من أعلام النبوة ، ومعجزة من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم وأما بيعه واستثناء حملانه إلى المدينة : فقد أجاز مالك مثله في المدة اليسيرة ، وظاهر مذهب الشافعي : المنع وقيل : بالجواز ، تفريعا على جواز بيع الدار المستأجرة ، فإن المنفعة تكون مستثناة . ومذهب الشافعي : الأول . والذي يعتذر به عن الحديث على هذا المذهب : أن لا يجعل استثناؤه على حقيقة الشرط في العقد ، بل على سبيل تبرع الرسول صلى الله عليه وسلم بالجمل عليه ، أو يكون الشرط سابقا على العقد . والشروط المفسدة : ما تكون مقارنة للعقد وممزوجة به على ظاهر مذهب الشافعي ، وقد أشار بعض الناس إلى أن اختلاف الرواة في ألفاظ الحديث مما يمنع الاحتجاج به على هذا المطلب ، فإن بعض الألفاظ صريح في الاشتراط ، وبعضها لا . فيقول : إذا اختلفت الروايات ، وكانت الحجة ببعضها دون بعض : توقف الاحتجاج . فنقول : هذا صحيح لكن بشرط تكافؤ الروايات ، أو تقاربها . أما إذا كان الترجيح واقعا لبعضها - إما ; لأن رواته أكثر ، أو أحفظ - فينبغي العمل بها . إذ الأضعف لا يكون مانعا من العمل بالأقوى ، والمرجوح لا يدفع التمسك بالراجح . فتمسك بهذا الأصل . فإنه نافع في مواضع عديدة . منها : أن المحدثين يعللون الحديث بالاضطراب " ويجمعون الروايات العديدة . فيقوم في الذهن منها صورة توجب التضعيف . والواجب : أن ينظر إلى تلك الطرق ، فما كان منها [ ص: 524 ] ضعيفا أسقط عن درجة الاعتبار . ولم يجعل مانعا من التمسك بالصحيح القوي . ولتمام هذا موضع آخر . ومذهب مالك - وإن قال بظاهر الحديث - فهو يخصصه باستثناء الزمن اليسير . وربما قيل : إنه ورد ما يقتضي ذلك . وقد يؤخذ من الحديث : جواز بيع الدار المستأجرة بأن يجعل هذا الاستثناء المذكور في الحديث أصلا . ويجعل بيع الدار المستأجرة مساويا له في المعنى . فيثبت الحكم ، إلا أن في كون مثل هذا معدودا فيما يؤخذ من الحديث وفائدة من فوائده نظرا .




                                        الخدمات العلمية