الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله

                                                                                                                2607 حدثنا زهير بن حرب وعثمان بن أبي شيبة وإسحق بن إبراهيم قال إسحق أخبرنا وقال الآخران حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب كذابا

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ) قال العلماء : معناه أن الصدق يهدي إلى العمل الصالح الخالص من كل مذموم ، والبر اسم جامع للخير كله . وقيل : البر الجنة . ويجوز أن يتناول العمل الصالح والجنة . وأما الكذب فيوصل إلى الفجور ، وهو الميل عن الاستقامة ، وقيل : الانبعاث في المعاصي .

                                                                                                                [ ص: 123 ] قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا ، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا ) وفي رواية ليتحرى الصدق وليتحرى الكذب وفي رواية عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر . وإياكم والكذب قال العلماء : هذا فيه حث على تحري الصدق - وهو قصده - والاعتناء به ، وعلى التحذير من الكذب والتساهل فيه ; فإنه إذا تساهل فيه كثر منه ، فعرف به ، وكتبه الله لمبالغته صديقا إن اعتاده ، أو كذابا إن اعتاده . ومعنى يكتب هنا يحكم له بذلك ، ويستحق الوصف بمنزلة الصديقين وثوابهم ، أو صفة الكذابين وعقابهم ، والمراد إظهار ذلك للمخلوقين إما بأن يكتبه في ذلك ليشتهر بحظه من الصفتين في الملأ الأعلى ، وإما بأن يلقي ذلك في قلوب الناس وألسنتهم ، وكما يوضع له القبول والبغضاء وإلا فقدر الله تعالى وكتابه السابق بكل ذلك . والله أعلم .

                                                                                                                واعلم أن الموجود في جميع نسخ البخاري ومسلم ببلادنا وغيرها أنه ليس في متن الحديث إلا ما ذكرناه ، وكذا نقله القاضي عن جميع النسخ ، وكذا نقله الحميدي . ونقل أبو مسعود الدمشقي عن كتاب مسلم في حديث ابن مثنى وابن بشار زيادة وإن شر الروايا روايا الكذب ، وإن الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل ، ولا يعد الرجل صبيه ثم يخلفه وذكر أبو مسعود أن مسلما روى هذه الزيادة في كتابه . وذكرها أيضا أبو بكر البرقاني في هذا الحديث . قال الحميدي : وليست عندنا في كتاب مسلم . قال القاضي : ( الروايا ) هنا جمع روية ، وهي ما يتروى فيه الإنسان ويستعد له أمام عمله . وقوله : قال ، وقيل جمع راوية ، أي حامل وناقل له . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية