الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم

                                                                                                                                                                                                بعضهم من بعض أريد به: نفي أن يكونوا من المؤمنين، وتكذيبهم في قولهم: ويحلفون بالله إنهم لمنكم [التوبة: 156]، وتقرير قوله: وما هم منكم [التوبة: 56]، ثم وصفهم بما يدل على مضادة حالهم لحال المؤمنين، يأمرون بالمنكر : بالكفر [ ص: 65 ] والمعاصي، وينهون عن المعروف : عن الإيمان والطاعات، ويقبضون أيديهم : شحا بالمبار، والصدقات، والإنفاق في سبيل الله، نسوا الله : أغفلوا ذكره، فنسيهم : فتركهم من رحمته وفضله، هم الفاسقون : هم الكاملون في الفسق الذي هو التمرد في الكفر والانسلاخ عن كل خير، وكفي المسلم زاجرا أن يلم بما يكسبه هذا الاسم الفاحش الذي وصف الله به المنافقين حين بالغ في ذمهم، وإذا كره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للمسلم أن يقول: كسلت، لأن المنافقين وصفوا بالكسل في قوله: "كسالى"، فما ظنك بالفسق؟ خالدين فيها : مقدرين الخلود، هي حسبهم : دلالة على عظم عذابها، وأنه لا شيء أبلغ منه، وأنه بحيث لا يزاد عليه، نعوذ بالله من سخطه وعذابه، ولعنهم الله وأهانهم من التعذيب، وجعلهم مذمومين ملحقين بالشياطين الملاعين، كما عظم أهل الجنة وألحقهم بالملائكة المكرمين، ولهم عذاب مقيم : ولهم نوع من العذاب سوى الصلي بالنار، مقيم كعذاب النار . ويجوز أن يريد: ولهم عذاب مقيم معهم في العاجل لا ينفكون عنه، وهو ما يقاسونه من تعب النفاق، والظاهر المخالف للباطن; خوفا من المسلمين، وما يحذرونه أبدا من الفضيحة، ونزول العذاب إن اطلع على أسرارهم .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية