الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وهو الذي جعل لكم النجوم الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قال : يضل الرجل وهو في الظلمة والجور عن الطريق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر والخطيب في كتاب النجوم ، عن عمر بن الخطاب قال : تعلموا من النجوم ما تهتدون به في بركم وبحركم ، ثم أمسكوا ، فإنها والله ما خلقت إلا زينة للسماء ورجوما للشياطين وعلامات يهتدى بها ، وتعلموا من النسبة ما تصلون به أرحامكم ، وتعلموا ما يحل لكم من النساء ويحرم عليكم ، ثم أمسكوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والخطيب في كتاب النجوم ، عن قتادة قال : إن الله إنما جعل هذه النجوم لثلاث خصال ، جعلها زينة للسماء ، وجعلها يهتدى بها ، وجعلها رجوما للشياطين ، فمن تعاطى فيها غير ذلك فقد قال رأيه ، وأخطأ حظه ، وأضاع نصيبه ، وتكلف ما لا علم له به ، وإن ناسا جهلة بأمر الله قد أحدثوا في هذه النجوم كهانة ؛ من أعرس بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا ، ومن [ ص: 150 ] سافر بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا ، ولعمري ما من نجم إلا يولد به الأحمر والأسود والطويل والقصير والحسن والدميم ، ولو أن أحدا علم الغيب لعلمه آدم الذي خلقه الله بيده ، وأسجد له ملائكته ، وعلمه أسماء كل شيء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه والخطيب ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعلموا من النجوم ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر ثم انتهوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الخطيب ، عن مجاهد قال : لا بأس أن يتعلم الرجل من النجوم ما يهتدي به في البر والبحر ، ويتعلم منازل القمر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم والمرهبي في فضل العلم ، عن حميد الشامي قال : النجوم هي علم آدم عليه السلام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج المرهبي ، عن الحسن بن صالح قال : سمعت عن ابن عباس أنه قال : ذلك علم ضيعه الناس ؛ النجوم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الخطيب ، عن عكرمة ، أنه سأل رجلا عن حساب النجوم ، وجعل الرجل يتحرج أن يخبره ، فقال عكرمة : سمعت ابن عباس يقول : علم عجز الناس عنه ، وددت أني علمته . قال الخطيب : مراده الضرب المباح الذي كانت العرب تختص به .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 151 ] وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات ، عن عبد الله بن حفص قال : خصت العرب بخصال ؛ بالكهانة والقيافة والعيافة والنجوم والحساب ، فهدم الإسلام الكهانة وثبت الباقي بعد ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ في العظمة ، عن القرظي قال : والله ما لأحد من أهل الأرض في السماء من نجم ، ولكن يتبعون الكهنة ويتخذون النجوم علة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود والخطيب ، عن سمرة بن جندب، أنه خطب فذكر حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : أما بعد ، فإن ناسا يزعمون أن كسوف الشمس ، وكسوف هذا القمر ، وزوال هذه النجوم عن مواضعها ، لموت رجال عظماء من أهل الأرض ، وإنهم قد كذبوا ، ولكنها آيات من آيات الله يعتبر بها عباده لينظر من يحدث له منهم توبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الخطيب ، عن عمر بن الخطاب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تسألوا عن النجوم ، ولا تعبروا القرآن برأيكم ، ولا تسبوا أحدا من أصحابي ، فإن ذلك الإيمان المحض .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه والخطيب ، عن علي قال : نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن [ ص: 152 ] النظر في النجوم ، وأمرني بإسباغ الطهور .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه والمرهبي والخطيب ، عن أبي هريرة قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النظر في النجوم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الخطيب ، عن عائشة قالت : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النظر في النجوم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني ، وأبو نعيم في الحلية ، والخطيب ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا ذكر أصحابي فأمسكوا ، وإذا ذكر القدر فأمسكوا ، وإذا ذكر النجوم فأمسكوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو يعلى ، وابن مردويه والخطيب ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخاف على أمتي خصلتين : تكذيبا بالقدر ، وتصديقا بالنجوم . وفي لفظ : وحذقا بالنجوم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر ، زاد ما زاد .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 153 ] وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وابن أبي شيبة والخطيب ، عن ابن عباس قال : إن قوما ينظرون في النجوم ويحسبون أبا جاد ، وما [157و] أرى الذين يفعلون ذلك من خلاق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الخطيب عن ميمون بن مهران قال : قلت لابن عباس : أوصني ، قال : أوصيك بتقوى الله ، وإياك وعلم النجوم فإنه يدعو إلى الكهانة ، وإياك أن تذكر أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بخير فيكبك الله على وجهك في جهنم ، فإن الله أظهر بهم هذا الدين ، وإياك والكلام في القدر فإنه ما تكلم فيه اثنان إلا أثما أو أثم أحدهما .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الخطيب في كتاب النجوم بسند ضعفه عن عطاء قال : قيل لعلي بن أبي طالب : هل كان للنجوم أصل؟ قال : نعم كان نبي من الأنبياء يقال له يوشع بن نون ، فقال له قومه : إنا لا نؤمن بك حتى تعلمنا بدء الخلق وآجاله ، فأوحى الله تعالى إلى غمامة فأمطرتهم واستنقع على الجبل ماء صافيا ، ثم أوحى الله إلى الشمس والقمر والنجوم أن تجري في ذلك الماء ، ثم أوحى إلى يوشع بن نون أن يرتقي هو وقومه على الجبل ، فارتقوا الجبل فقاموا على الماء حتى عرفوا بدء الخلق وآجاله بمجاري الشمس والقمر والنجوم [ ص: 154 ] وساعات الليل والنهار ، فكان أحدهم يعلم متى يموت ، ومتى يمرض ، ومن ذا الذي يولد له ، ومن ذا الذي لا يولد له ، قال : فبقوا كذلك برهة من دهرهم ، ثم إن داود عليه السلام قاتلهم على الكفر فأخرجوا إلى داود في القتال من لم يحضر أجله ، ومن حضر أجله خلفوه في بيوتهم ، فكان يقتل من أصحاب داود ولا يقتل من هؤلاء أحد ، فقال داود : رب أقاتل على طاعتك ويقاتل هؤلاء على معصيتك ، فيقتل أصحابي ولا يقتل من هؤلاء أحد فأوحى الله إليه : إني كنت علمتهم بدء الخلق وآجاله ، وإنما أخرجوا إليك من لم يحضر أجله، ومن حضر أجله خلفوه في بيوتهم ، فمن ثم يقتل من أصحابك ، ولا يقتل منهم أحد ، قال داود : يا رب على ماذا علمتهم ؟ قال : على مجاري الشمس والقمر والنجوم وساعات الليل والنهار ، فدعا الله فحبست الشمس عليهم ، فزاد في النهار فاختلطت الزيادة بالليل والنهار ، فلم يعرفوا قدر الزيادة فاختلط عليهم حسابهم ، قال علي : فمن ثم كره النظر في النجوم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج المرهبي في فضل العلم ، عن الحسن بن علي قال : لما فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم خيبر دعا بقوسه فاتكأ على سيتها وحمد الله وذكر ما فتح الله على نبيه ونصره ، ونهى عن خصال : عن مهر البغي ، وعن خاتم الذهب ، وعن المياثر الحمر ، وعن لبس الثياب القسي ، وعن ثمن الكلب ، وعن أكل [ ص: 155 ] لحوم الحمر الأهلية ، وعن الصرف ؛ الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، بينهما فضل، وعن النظر في النجوم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج المرهبي عن مكحول قال : قال ابن عباس : لا تعلم النجوم فإنها تدعو إلى الكهانة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه من طريق الحسن ، عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد طهر الله هذه الجزيرة من الشرك ما لم تضلهم النجوم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رب متعلم حروف أبي جاد وراء في النجوم ليس له عند الله خلاق يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية