[ ص: 2559 ] nindex.php?page=treesubj&link=31848إيمان إبراهيم بعد تفكير وتأملاته في الكون nindex.php?page=treesubj&link=31848_31873_32022_34189_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=76فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=77فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=78فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=79إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين
كان الكلام في الآيات السابقات في الأصنام، وأنها لا تنفع ولا تضر، وأنها لا تملك من أمر نفسها شيئا، حتى تملك من أمر غيرها، ممن يدعونها واقعين تحت أوهام تضافرت وتكاثرت عليها السنون حتى صارت كأنها حقائق في زعمهم، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى كيف أنكرها أبو العرب الذي يعتزون بنسبهم إليه، وأنه عدها ضلالا مبينا، وخاطب بذلك أباه مستنكرا، ورؤية الحقائق بارزة من لسان شخص يكون أشد أثرا، وأنقى فكرا وأبعث على الاعتبار.
[ ص: 2560 ] nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة
"إذ" ظرف للزمان، والمعنى: اذكر لهم ما كان في الماضي من موقف أبيهم
إبراهيم -عليه السلام- من الأصنام، إذ قال لأبيه الذي كان يحبه، ويؤثره، مستنكرا ما كان منه من عبادة: أتتخذ أصناما آلهة; وهو استفهام إنكاري للتوبيخ، ولم يمنعه مقام الأب من أن يوبخه على عظيم ما يرتكب مستنكرا فعله: أتتخذ أصناما مصنوعة صنعتها أنت وأمثالك أتتخذها آلهة تعبد، أي: أتتخذ من صناعتك آلهة معبودة؛ إن ذلك ضلال مبين تصنعه الأوهام في العقول حتى تجعل غير المعقول اعتقادا؛ ولذا قال لأبيه الذي كان يحبه:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74إني أراك وقومك إني أراك مع قومك
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74في ضلال مبين أي: بين واضح، والتعبير باسم الفاعل (مبين) للمبالغة في وضوح الضلال أي: الضلال مبين لنفسه موضح لها؛ إذ كيف تصنع بيديك حجرا، ثم تعبده، هذا إجمال كلامه لأبيه، ولقد فصل الله سبحانه وتعالى مقالته لأبيه، في آية أخرى، فقال تعالى حكاية للمجاوبة التي كانت بينهما:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=42إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=43يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=44يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا
اعتزل قومه وأباه، وكان في بلد يعبد أهله النجوم، ولهم علم بها فانصرف إلى تعرف حال النجوم التي يقدسونها، ويجاريهم في تقديسها، حتى تبين له ولهم أنها غير جديرة بالتقديس والربوبية، لأنها متغيرة وتأفل وتختفي ثم تظهر، وذلك ليس شأن الإله الخالق المنشئ المبدع.
[ ص: 2561 ] قال تعالى:
[ ص: 2559 ] nindex.php?page=treesubj&link=31848إِيمَانُ إِبْرَاهِيمَ بَعْدَ تَفْكِيرٍ وَتَأَمُّلَاتِهِ فِي الْكَوْنِ nindex.php?page=treesubj&link=31848_31873_32022_34189_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=76فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=77فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=78فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=79إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
كَانَ الْكَلَامُ فِي الْآيَاتِ السَّابِقَاتِ فِي الْأَصْنَامِ، وَأَنَّهَا لَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ، وَأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ مِنْ أَمْرِ نَفْسِهَا شَيْئًا، حَتَّى تَمْلِكَ مِنْ أَمْرِ غَيْرِهَا، مِمَّنْ يَدْعُونَهَا وَاقِعِينَ تَحْتَ أَوْهَامٍ تَضَافَرَتْ وَتَكَاثَرَتْ عَلَيْهَا السُّنُونَ حَتَّى صَارَتْ كَأَنَّهَا حَقَائِقُ فِي زَعْمِهِمْ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَيْفَ أَنْكَرَهَا أَبُو الْعَرَبِ الَّذِي يَعْتَزُّونَ بِنَسَبِهِمْ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ عَدَّهَا ضَلَالًا مُبِينًا، وَخَاطَبَ بِذَلِكَ أَبَاهُ مُسْتَنْكِرًا، وَرُؤْيَةُ الْحَقَائِقِ بَارِزَةً مِنْ لِسَانِ شَخْصٍ يَكُونُ أَشَدَّ أَثَرًا، وَأَنْقَى فِكْرًا وَأَبْعَثَ عَلَى الِاعْتِبَارِ.
[ ص: 2560 ] nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً
"إِذْ" ظَرْفٌ لِلزَّمَانِ، وَالْمَعْنَى: اذْكُرْ لَهُمْ مَا كَانَ فِي الْمَاضِي مِنْ مَوْقِفِ أَبِيهِمْ
إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- مِنَ الْأَصْنَامِ، إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ، وَيُؤْثِرُهُ، مُسْتَنْكِرًا مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ عِبَادَةٍ: أَتُتَّخَذُ أَصْنَامًا آلِهَةً; وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ إِنْكَارِيٌّ لِلتَّوْبِيخِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَقَامُ الْأَبِ مِنْ أَنْ يُوَبِّخَهُ عَلَى عَظِيمِ مَا يَرْتَكِبُ مُسْتَنْكِرًا فِعْلَهُ: أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا مَصْنُوعَةً صَنَعْتَهَا أَنْتَ وَأَمْثَالُكَ أَتَتَّخِذُهَا آلِهَةً تُعْبَدُ، أَيْ: أَتَتَّخِذُ مِنْ صِنَاعَتِكَ آلِهَةً مَعْبُودَةً؛ إِنَّ ذَلِكَ ضَلَالٌ مُبِينٌ تَصْنَعُهُ الْأَوْهَامُ فِي الْعُقُولِ حَتَّى تَجْعَلَ غَيْرَ الْمَعْقُولِ اعْتِقَادًا؛ وَلِذَا قَالَ لِأَبِيهِ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ إِنِّي أَرَاكَ مَعَ قَوْمِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74فِي ضَلالٍ مُبِينٍ أَيْ: بَيِّنٍ وَاضِحٍ، وَالتَّعْبِيرُ بِاسْمِ الْفَاعِلِ (مُبِينٍ) لِلْمُبَالَغَةِ فِي وُضُوحِ الضَّلَالِ أَيِ: الضَّلَالُ مُبِينٌ لِنَفْسِهِ مُوَضِّحٌ لَهَا؛ إِذْ كَيْفَ تَصْنَعُ بِيَدَيْكَ حَجَرًا، ثُمَّ تَعْبُدُهُ، هَذَا إِجْمَالُ كَلَامِهِ لِأَبِيهِ، وَلَقَدْ فَصَّلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَقَالَتَهُ لِأَبِيهِ، فِي آيَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ تَعَالَى حِكَايَةً لِلْمُجَاوَبَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=42إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=43يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=44يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا
اعْتَزَلَ قَوْمَهُ وَأَبَاهُ، وَكَانَ فِي بَلَدٍ يَعْبُدُ أَهْلُهُ النُّجُومَ، وَلَهُمْ عِلْمٌ بِهَا فَانْصَرَفَ إِلَى تَعَرُّفِ حَالِ النُّجُومِ الَّتِي يُقَدِّسُونَهَا، وَيُجَارِيهِمْ فِي تَقْدِيسِهَا، حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ وَلَهُمْ أَنَّهَا غَيْرُ جَدِيرَةٍ بِالتَّقْدِيسِ وَالرُّبُوبِيَّةِ، لِأَنَّهَا مُتَغَيِّرَةٌ وَتَأْفُلُ وَتَخْتَفِي ثُمَّ تَظْهَرُ، وَذَلِكَ لَيْسَ شَأْنَ الْإِلَهِ الْخَالِقِ الْمُنْشِئِ الْمُبْدِعِ.
[ ص: 2561 ] قَالَ تَعَالَى: