الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز ( لا يصح رهن مشاع ) لعدم كونه مميزا كما مر ( مطلقا ) [ ص: 490 ] مقارنا أو طارئا من شريكه أو غيره بقسم أو لا ، ثم الصحيح إنه فاسد يضمن بالقبض ، وجوزه الشافعي .

وفي الأشباه : ما قبل البيع قبل الرهن إلا في أربعة : المشاع والمشغول والمتصل بغيره والمعلق عتقه بشرط قبل وجوده غير المدبر [ ص: 491 ] فيجوز بيعها لا رهنها

التالي السابق


باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز ( قوله لا يصح رهن مشاع ) أي إلا إذا كان عبدا بينهما رهناه عند رجل بدين له على كل واحد منهما رهنا واحدا ، فلو رهن كل نصيبه من العبد لم يجز كما في القهستاني عن الذخيرة ، وإلا إذا ثبت الشيوع فيه ضرورة كما يأتي آخر السوادة ( قوله مطلقا ) يفسره ما بعده ، وإنما لم يجز لأن موجب الرهن الحبس الدائم ، وفي المشاع يفوت [ ص: 490 ] الدوام لأنه لا بد من المهايأة فيصير كأنه قال رهنتك يوما دون يوم ، وتمامه في الهداية ( قوله مقارنا ) كنصف دار أو عبد ( قوله أو طارئا ) كأن يرهن الجميع ثم يتفاسخا في البعض أو يأذن الراهن للعدل أن يبيع الرهن كيف شاء فباع نصفه ا هـ منح .

وفي رواية عن أبي يوسف أن الطارئ لا يضر ، والصحيح الأول كما في النهاية والدرر ، وسيذكر الشارح آخر الرهن لو استحق كله أو بعضه ( قوله من شريكه أو غيره ) لأن الشريك يمسكه يوما رهنا ويوما يستخدمه فيصير كأنه رهن يوما دون يوم .

وأما إجارة المشاع فإنما جازت عنده من الشريك دون غيره لأن المستأجر لا يتمكن من استيفاء ما اقتضاه العقد إلا بالمهايأة ، وهذا المعنى لا يوجد في الشريك أفاده الأتقاني أي لأن الشريك ينتفع به بلا مهايأة في المدة كلها بحكم العقد والملك بخلاف غيره ( قوله يقسم أو لا ) بخلاف الهبة لأن المانع فيها غرامة القسمة أي أجرة القسام وهي فيما يحتمل القسمة لا فيما لا يحتملها . معراج ( قوله والصحيح أنه فاسد ) وقيل باطل لا يتعلق به الضمان ، وليس بصحيح لأن الباطل منه ما لم يكن مالا أو لم يكن المقابل به مضمونا ، وما نحن فيه ليس كذلك بناء على أن القبض شرط تمام العقد لا شرط جوازه ا هـ عناية ، وسيأتي آخر الرهن ، وسيأتي أيضا هناك أن كل حكم عرف في الرهن الصحيح فهو الحكم في الرهن الفاسد لكنه مقيد بما إذا كان الرهن سابقا على الدين ويأتي بيانه إن شاء الله تعالى ( قوله ما قبل البيع قبل الرهن ) أي كل ما يصح بيعه صح رهنه ( قوله والمشغول ) أي بحق الراهن كما قيده الشارح أول الرهن احترازا عن المشغول بملك غير الراهن فلا يمنع كما في حاشية الحموي عن العمادية .

أقول : وكذا يمنع المشغول بالراهن نفسه لما في الهداية : ويمنع التسليم كون الراهن أو متاعه في الدار المرهونة ا هـ .

قال في المعراج فإذا خرج منها يحتاج إلى تسليم جديد لأنه شاغل لها كشغلها بالمتاع ، وكذا متاعه في الوعاء المرهون يمنع التسليم .

والحيلة أن يودع أولا ما فيه عند المرتهن ثم يسلمه ما رهن ا هـ ( قوله والمتصل بغيره ) صفة لموصوف محذوف أي والشاغل المتصل بغيره كالبناء وحده أو النخل أو الثمر بدون الأرض أو الشجر كما سيذكره .

واحترز به عن الشاغل المنفصل كما لو رهن ما في الدار أو الوعاء بدونهما وسلم الكل فإنه يجوز كما في الهداية والخانية فافهم .

وأراد بالمتصل التابع لما في الهداية : رهن سرجا على دابة أو لجاما في رأسها ودفع الدابة مع السرج واللجام لا يكون رهنا حتى ينزعه منها ثم يسلمه إليه لأنه من توابع الدابة بمنزلة الثمرة للنخيل حتى قالوا يدخل فيه من غير ذكر ا هـ ، يعني لو رهن دابة عليها سرج أو لجام يدخل في الرهن معراج ، وبهذا ظهر أن تقييده المتصل فيما مر وفيما يأتي بقوله خلقة غير ظاهر فتدبر . ( قوله والمعلق عتقه بشرط قبل وجوده ) كما إذا قال لعبده إن دخلت هذه الدار فأنت حر فإنه يصح بيعه لا رهنه ، ولعله لأن حكم الرهن الحبس الدائم إلى الاستيفاء ، وحبس مثل هذا لا يدوم لأنه قد يدخل الدار فيعتق فلا يمكن منه الاستيفاء ا هـ ط .

أقول : وما ذكره الشارح نقله البيري عن شرح الأقطع ثم نقل عن روضة القضاة : لو علق عتق عبده بصفة ثم رهنه جاز خلافا للشافعي ا هـ تأمل . ( قوله غير المدبر ) شمل المطلق والمقيد حموي أي فكل منهما لا يجوز رهنه وفيه نظر ، فقد ذكر الشارح في بابه أن المقيد يباع ويوهب ويرهن ، وصرح به أيضا هناك الباقاني في شرح الملتقى ، وهو من علق عتقه بموت سيده لا مطلقا بل على صفة خاصة ، كإن مت من مرضي هذا أو في سفري أو نحوه ، [ ص: 491 ] ولينظر الفرق بين المعلق عتقه بشرط غير الموت على ما ذكره حيث لم يجز رهنه وبين المدبر المقيد حيث جاز . ( قوله فيجوز بيعها لا رهنها ) أي الأربعة المذكورة غير المدبر ، فإن المطلق لا يجوز بيعه ولا رهنه ، والمقيد يجوزان فيه




الخدمات العلمية