الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4658 [ ص: 533 ] ( 91 ) سورة والشمس وضحاها

                                                                                                                                                                                                                              وقال مجاهد: (ضحاها) : ضوؤها. طحاها : دحاها. بطغواها : بمعاصيها. ولا يخاف عقباها : عقبى أحد.

                                                                                                                                                                                                                              1 - باب:

                                                                                                                                                                                                                              4942 - حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، حدثنا هشام، عن أبيه أنه أخبره عبد الله بن زمعة أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب وذكر الناقة والذي عقر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذ انبعث أشقاها [ الشمس: 12] انبعث لها رجل عزيز عارم، منيع في رهطه، مثل أبي زمعة". وذكر النساء فقال: " يعمد أحدكم يجلد امرأته جلد العبد، فلعله يضاجعها من آخر يومه". ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة وقال: " لم يضحك أحدكم مما يفعل؟". وقال أبو معاوية: حدثنا هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن زمعة: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " مثل أبي زمعة عم الزبير بن العوام". [ انظر: 3377 - مسلم: 2855 - فتح: 8 \ 705]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              هي مكية.

                                                                                                                                                                                                                              ( ص ) ( وقال مجاهد : بطغواها : بمعاصيها، ولا يخاف عقباها عقبى أحد ) هذا أخرجه عبد بن حميد عن شبابة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح ، عنه: لا يخاف عقبى أحد، وقال الحسن: لا يخاف ربا يبعثهم بما صنع بهم، قال ابن أبي داود في "المصاحف": أهل المدينة يقرءونها بالفاء.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 534 ] ثم ساق البخاري حديث وهيب، ثنا هشام ، عن أبيه أنه أخبره عبد الله بن زمعة أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب وذكر الناقة والذي عقرها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذ انبعث أشقاها انبعث لها رجل عزيز عارم، منيع في رهطه، مثل أبي زمعة". وذكر النساء فقال: "يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد، ولعله يضاجعها من آخر يومه". ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة وقال: "لم يضحك أحدكم مما يفعل؟! ". وقال أبو معاوية : ثنا هشام ، عن أبيه، عن عبد الله بن زمعة: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مثل أبي زمعة في قومه عم الزبير بن العوام ".

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث أخرجه أيضا في أحاديث الأنبياء والأدب والنكاح وأخرجه مسلم ، والترمذي والنسائي وابن ماجه ، والتعليق أخرجه أبو القاسم في "معجم الصحابة" عن سريج بن يونس ثنا أبو معاوية به.

                                                                                                                                                                                                                              وأبو زمعة اسمه الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، جد راوي الحديث عبد الله بن زمعة بن الأسود ، وأمه فهيرة بنت قيس -راكب البريد- بن عبد مناف بن زهرة، وقتل زمعة يوم بدر كافرا، وكان يقال للأسود -وهو أحد المستهزئين-: مسلمة بن مسلم بن مسلم لإصلاحهم بين المتفاسدين والمتهاجرين من قريش.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 535 ] قال الزبير : إن جبريل رمى في وجهه بورقة فعمي، وكان من كبراء قريش وأشرافها ولما حدث عروة بحديث ابن زمعة وأبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة بن أبي زمعة الأسود بن المطلب جالس فكأنه وجد معها فقال: يا ابن أخي والله ما حدثنيها إلا أبوك عبد الله -يفخر بها- وقوله: ( "عم الزبير بن العوام " ) إنما هو ابن عم أبيه العوام بن خويلد بن أسد، وأبو زمعة الأسود بن المطلب بن أسد كما سلف وقوله -أعني: زمعة- أحد أزواد الراكب، فكان يقال لجدهم أسد: مسلم كما سلف، وقتل يزيد صبرا يوم الحرة وأخوه كثير في القتال ابنا عبد الله بن زمعة وأخوهما أبو عبيدة بن عبد الله كان شريفا جوادا مطعاما ممدحا كثير الضيفان، وبنته هند ولدت موسى بن عبد الله المحصر بن الحسن بن الحسن بن علي وهي بنت ستين سنة، وكانت شريفة ذات قدر، وعبد الله بن وهب بن زمعة قتل يوم الدار،

                                                                                                                                                                                                                              وأسلم أبوه يوم الفتح وله رواية، وابنه يزيد بن عبد الله بن وهب قتل بإفريقية وهبار بن الأسود الذي عرض لزينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسلم يوم الفتح وحسن إسلامه.

                                                                                                                                                                                                                              وادعى ابن العربي: في الصحابة أن أبا زمعة هذا اسمه عبيد البلوي، ويحتمل أن يكون المذكور هنا، قال القرطبي : يحتمل أن يكون البلوي المبايع تحت الشجرة، وتوفي بإفريقية في غزوة ابن حديج، ودفن بالبلوية بالقيروان قال: فإن كان هو فإنه إنما شبهه بعاقر الناقة في أنه عزيز في قومه، ومنيع على من يريده من الكفار، [ ص: 536 ] قال: ويحتمل أن يريد غيره ممن يسمى بأبي زمعة من الكفار. قلت: ومن كان عمه عم الزبير لا يتحرص فيه ببلوي ولا غيره.

                                                                                                                                                                                                                              وعاقر الناقة هو قدار بن سالف، وأمه قديرة، وهو أحمر ثمود الذي يضرب به المثل في الشؤم.

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن قتيبة : وكان أحمر أشقر أزرق سناطا قصيرا، وذكر أنه ولد زنا ولد على فراش سالف، وقيل: شركه في قتلها مصدع. والعارم بالعين المهملة والراء: الجبار الصعب الشر المفسد الخبيث، عرم مثلث الراء عرامة بفتح العين.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية