الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين [ ص: 9 ] وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين أي أقسم لهما على ذلك ، وأخرجه على زنة المفاعلة للمبالغة .

                                                                                                                                                                                                                                        وقيل أقسما له بالقبول . وقيل أقسما عليه بالله أنه لمن الناصحين فأقسم لهما فجعل ذلك مقاسمة .

                                                                                                                                                                                                                                        فدلاهما فنزلهما إلى الأكل من الشجرة ، نبه به على أنه أهبطهما بذلك من درجة عالية إلى رتبة سافلة ، فإن التدلية والإدلاء إرسال الشيء من أعلى إلى أسفل . بغرور بما غرهما به من القسم فإنهما ظنا أن أحدا لا يحلف بالله كاذبا ، أو ملتبسين بغرور . فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما أي فلما وجدا طعمها آخذين في الأكل منها أخذتهما العقوبة وشؤم المعصية ، فتهافت عنهما لباسهما وظهرت لهما عوراتهما .

                                                                                                                                                                                                                                        واختلف في أن الشجرة كانت السنبلة أو الكرم أو غيرهما ، وأن اللباس كان نورا أو حلة أو ظفرا . وطفقا يخصفان أخذا يرقعان ويلزقان ورقة فوق ورقة . عليهما من ورق الجنة قيل كان ورق التين ، وقرئ « يخصفان » من أخصف أي يخصفان أنفسهما ويخصفان من خصف ويخصفان وأصله يختصفان . وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين عتاب على مخالفة النهي ، وتوبيخ على الاغترار بقول العدو . وفيه دليل على أن مطلق النهي للتحريم .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية