الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                إلا في مسائل فيقدم الشرع على العرف : الأولى : لو حلف لا يصلي لم يحنث بصلاة الجنازة كما في عامة الكتب .

                الثانية : 17 - لو حلف لا يصوم لم يحنث بمطلق الإمساك ، وإنما يحنث بصوم ساعة بعد طلوع الفجر بنيته من أهله .

                الثالثة : لو حلف لا ينكح فلانة حنث بالعقد ; لأنه النكاح الشائع شرعا لا بالوطء كما في كشف الأسرار ، بخلاف لا ينكح زوجته فإنه للوطء .

                الرابعة : 18 - لو قال : لها إن رأيت الهلال فأنت طالق ، فعلمت به من غير [ ص: 304 ] رؤية ينبغي أن يقع لكون الشارع استعمل الرؤية فيه بمعنى العلم في قوله عليه الصلاة والسلام { صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته } فلو كان الشرع يقتضي الخصوص ، واللفظ يقتضي العموم اعتبرنا خصوص الشرع .

                [ ص: 303 ]

                التالي السابق


                [ ص: 303 ] قوله : لو حلف لا يصوم إلخ : الظاهر أن هذا مما قدم فيه عرف الشرع على عرف اللغة إلا أن يقال : عرف الاستعمال في هذا موافق لعرف اللغة .

                ( 18 ) قوله : لو قال لها إن رأيت الهلال إلخ : قال بعض المحققين من مشايخنا : هذه المسألة رأيتها في المسائل المختصرة من القواعد الصغرى للشيخ ابن عبد السلام وقال طلقت عند الشافعي حملا للرؤية على العرفان ، وهذا خلاف الوضع وعرف الاستعمال ، وخالف أبو حنيفة رحمه الله في ذلك .

                واستدل الشافعي رحمه الله بصحة قول الناس رأينا الهلال ، وإن لم يره كلهم ، وجوابه أن قول الناس رأينا الهلال مجاز نسبة فعل البعض إلى الكل كقول امرئ القيس فإن تقتلونا نقتلكم ، معناه فإن تقتلوا بعضنا نقتلكم ، وليس ما استدل به الشافعي رحمه الله بما مر بمحل النزاع فإن مجاز محل النزاع لا يشهد بما ذكره فإنه علقه على نفس رؤيتها وهي واحدة لا ينسب إليها ما وجد في [ ص: 304 ] غيرها .

                واستدلال نوع آخر من المجاز لا يناسبه ولا يوافقه فليتأمل ، فقد كفانا إمامنا في الرد على إمامهم ، وعلى من تبعه من غير تحقيق ولا تبصر



                وقال الحصيري في التحرير : حلف لا يرى هلال كذا بالكوفة فكان بها ، ولم ير الهلال حنث ; لأنه عبارة عن الكينونة في ذلك الوقت في كونه .

                ثم قال : ولو نوى حقيقة الرؤية صدق ; لأنه حقيقة وليس بمهجورة ( انتهى )




                الخدمات العلمية