الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في التعزير

                                                                      4491 أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبي بردة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله عز وجل حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو أن بكير بن الأشج حدثه عن سليمان بن يسار قال حدثني عبد الرحمن بن جابر أن أباه حدثه أنه سمع أبا بردة الأنصاري يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكر معناه

                                                                      التالي السابق


                                                                      التعزير مصدر عزر . قال في الصحاح : التعزير التأديب ومنه سمي الضرب دون الحد تعزيرا .

                                                                      وقال في المدارك : وأصل العزر المنع ، ومنه التعزير لأنه منع عن معاودة القبيح انتهى . ومنه عزره القاضي أي أدبه لئلا يعود إلى القبيح ، ويكون بالقول والفعل بحسب ما يليق به . كذا في إرشاد الساري .

                                                                      ( لا يجلد ) : بصيغة المجهول من الجلد أي لا يجلد أحد ( فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله ) : الاستثناء مفرغ .

                                                                      قال في الفتح : ظاهره أن المراد بالحد ما ورد فيه من الشارع عدد من الجلد أو الضرب مخصوص أو عقوبة مخصوصة ، والمتفق عليه من ذلك أصل الزنا والسرقة وشرب المسكر والحرابة والقذف بالزنا والقتل والقصاص في النفس والأطراف والقتل في الارتداد ، واختلف في تسمية الأخيرين حدا ، واختلف في مدلول هذا الحديث فأخذ [ ص: 156 ] بظاهره الإمام أحمد في المشهور عنه وبعض الشافعية وقال مالك والشافعي وصاحبا أبي حنيفة تجوز الزيادة على العشرة ثم اختلفوا فقال الشافعي : لا يبلغ أدنى الحدود وهل الاعتبار بحد الحر أو العبد قولان .

                                                                      وقال الآخرون هو إلى رأي الإمام بالغا ما بلغ ، وأجابوا عن ظاهر الحديث بوجوه منها الطعن فيه ، وتعقب بأنه اتفق الشيخان على تصحيحه وهما العمدة في التصحيح ، ومنها أن عمل الصحابة بخلافه يقتضي نسخه ، فقد كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري أن لا تبلغ بنكال أكثر من عشرين سوطا . وعن عثمان ثلاثين . وضرب عمر أكثر من الحد أو من مائة وأقره الصحابة .

                                                                      وأجيب بأنه لا يلزم في مثل ذلك النسخ . ومنها حمله على واقعة عين بذنب معين أو رجل معين قاله الماوردي وفيه نظر ذكره القسطلاني .

                                                                      قلت : ومن وجوه الجواب قصره على الجلد ، وأما الضرب بالعصا مثلا وباليد فتجوز الزيادة ، لكن لا يجاوز أدنى الحدود ، وهذا رأي الإصطخري من الشافعية .

                                                                      قال الحافظ : كأنه لم يقف على الرواية الواردة بلفظ الضرب انتهى . وليس في أيدي الذين ليسوا بقائلين بظاهر الحديث جواب شاف .

                                                                      قال في النيل : قال البيهقي : عن الصحابة آثار مختلفة في مقدار التعزير ، وأحسن ما يصار إليه في هذا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر حديث أبي بردة المذكور .

                                                                      قال الحافظ : فتبين بما نقله البيهقي عن الصحابة أن لا اتفاق على عمل في ذلك ، فكيف يدعى نسخ الحديث الثابت ويصار إلى ما يخالفه من غير برهان انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه . ( فذكر معناه ) : قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي .




                                                                      الخدمات العلمية