الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( فصل ثم يسلم وهو جالس ) بلا نزاع في المبدع ، وأنه تحليلها وهو منها لقوله صلى الله عليه وسلم { وتحليلها التسليم } وليس لها تحليل سواه ( مرتبا معرفا وجوبا ) لأن الأحاديث قد صحت ، أنه صلى الله عليه وسلم كان يقوله كذلك ولم ينقل عنه خلافه وقال { صلوا كما رأيتموني أصلي } ( مبتدئا ندبا عن يمينه ، قائلا : السلام عليكم ورحمة الله ) روي ذلك عن أبي بكر وعمر وعلي وعمار وابن مسعود ولقول ابن مسعود { إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره : السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خديه } رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال حسن صحيح والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ( فقط ) لما تقدم .

                                                                                                                      ( فإن زاد وبركاته جاز ) لفعل النبي صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود من حديث وائل ( والأولى تركه ) كما في أكثر الأحاديث ( فإن لم يقل ورحمة الله " في غير صلاة الجنازة لم يجزئه ) لأنه صلى الله عليه وسلم كان يقوله وقال { صلوا كما رأيتموني أصلي } وهو سلام في صلاة ورد مقرونا بالرحمة فلم يجزئه بدونها كالسلام في التشهد .

                                                                                                                      ( و ) يسلم ( عن يساره كذلك ) لما تقدم وأصح الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهما تسليمتان فعن سعد قال { كنت أرى النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 362 ] يسلم عن يمينه ويساره ، حتى يرى بياض خده } رواه مسلم ( والالتفات سنة ) قال أحمد ثبت عندنا من غير وجه { أنه كان صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه ويساره ، حتى يرى بياض خده } ( ويكون ) التفاته ( عن يساره أكثر ) لفعله صلى الله عليه وسلم رواه يحيى بن محمد بن صاعد عن عمار قال { كان يسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده الأيمن ، وإذا سلم عن يساره يرى بياض خده الأيمن والأيسر } فيلتفت ( بحيث يرى خداه يجهر إمام ب ) التسليمة ( الأولى فقط ) لأن الجهر في غير القراءة إنما كان للإعلام بالانتقال من ركن إلى آخر وقد حصل بالجهر بالأولى ( ويسرهما ) أي التسليمتين غيره وهو المنفرد والمأموم إلا لحاجة وتقدم .

                                                                                                                      ( ويستحب جزمه و ) هو ( عدم إعرابه ، فيقف على كل تسليمة ) لأن المراد بالجزم هنا معناه اللغوي ، أي قطع إعراب آخر الجلالة بحذف الجر منها ، وبحذف الرفع منها ، وبحذف الرفع من راء أكبر في التكبير ( وحذفه ) أي السلام ( سنة ) لقول أبي هريرة { حذف السلام سنة } وروي مرفوعا عنه وصححه الترمذي ( وهو ) أي حذف السلام ( عدم تطويله ، و ) عدم ( مده في الصلاة ، وعلى الناس ) .

                                                                                                                      قال أبو عبد الله هو أن لا يطول به صوته وقال ابن المبارك معناه أن لا يمد مدا ( فإن نكر السلام ) كقوله : سلام عليكم أو عرفه بغير اللام ، كسلامي أو سلام الله عليكم ( أو نكسه فقال ) عليكم سلام أو ( عليكم السلام ، أو قال السلام عليك : بإسقاط الميم ، أو نكسه في التشهد ، فقال : عليك السلام أيها النبي : أو علينا السلام وعلى عباد الله لم يجزئه ) لمخالفته لقوله صلى الله عليه وسلم { صلوا كما رأيتموني أصلي } ومن تعمد قولا من هذه الصور التي قلنا إنها لا تجزئ بطلت صلاته لأنه يغير السلام الوارد ، ويخل بحرف يقتضي الاستغراق قاله في شرح المنتهى .

                                                                                                                      ( وينوي بسلامه : الخروج من الصلاة استحبابا ) لتكون النية شاملة لطرفي الصلاة ، فإن لم ينو جاز ، لأن نية الصلاة قد شملت جميعها والسلام من جملتها كتكبيرة الإحرام ( فإن نوى معه ) أي مع الخروج من الصلاة السلام على الملائكة ( الحفظة والإمام والمأموم جاز ) نص عليه ، لما روى سمرة بن جندب قال أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم { أن نرد على الإمام ، وأن يسلم بعضنا على بعض } رواه أبو داود وإسناده ثقات ( ولم يستحب ) ذلك ( نصا ، وكذا لو نوى ذلك ) أي السلام على الحفظة والإمام والمأموم ( دون الخروج ) من الصلاة فلا تبطل به ، خلافا لابن حامد .

                                                                                                                      ( وإن كانت صلاته أكثر من ركعتين ) كمغرب ورباعية ( نهض مكبرا كنهوضه [ ص: 363 ] من السجود ) قائما على صدور قدميه ( إذا فرغ من التشهد الأول ولا يرفع يديه ) حكاه بعضهم وفاقا ، قال في الإنصاف : وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب .

                                                                                                                      وقطع به كثير منهم وعنه يرفعهما اختارها المجد ، والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق وابن عبدوس ا هـ قال في المبدع : وهي أظهر ، وقد صححه أحمد وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الخطابي وهو قول جماعة من أهل الحديث ( وأتى بما بقي من صلاته كما سبق ) لقوله صلى الله عليه وسلم { للمسيء في صلاته ثم افعل ذلك في صلاتك كلها } ( إلا أنه لا يجهر ) قال في المبدع : بغير خلاف نعلمه .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية