الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل ) في بيان الطلاق السني والبدعي ( الطلاق سني ) ، وهو الجائز ( وبدعي ) ، وهو الحرام فلا واسطة بينهما على أحد الاصطلاحين المشهور خلافه فعليه طلاق الحكمين إذا رأياه ومول ، أو حاكم عليه بعد مطالبتها به لوجوبه حينئذ ، ولو في الحيض لكن بحثا في المولي بأنه الملجئ لها إلى الطلب مع تمكنه من الفيئة وطلاق متحيرة إذ لم يقع في طهر محقق ، ولا حيض محقق ، ومختلعة في نحو حيض ومعلق طلاقها بصفة وجدت فيه كما يأتي وصغيرة وآيسة وغير موطوءة ، ومن ظهر حملها منه بنكاح أو شبهة لا سنة فيه ، ولا بدعة ( ويحرم البدعي ) لإضرارها أو إضراره أو الولد به كما يأتي ( وهو ضربان ) أحدهما [ ص: 77 ] ( طلاق ) منجز ، وإن سبقه طلاق في طهر قبله ( في حيض ) أو نفاس ممسوسة أي موطوءة ولو في الدبر أو مستدخلة ماءه المحترم ، وقد علم ذلك إجماعا ولخبر ابن عمر الآتي ولتضررها بطول العدة ؛ إذ بقية دمها لا تحسب منها ، ومن ثم لا يحرم في حيض حامل عدتها بالوضع وبحث الأذرعي حله في أمة قال لها سيدها إن طلقك الزوج اليوم فأنت حرة فسألت زوجها فيه لأجل العتق فطلقها ؛ لأن دوام الرق أضر بها من تطويل العدة ، وقد لا يسمح به السيد بعد أو يموت وكالمنجز معلق بما يوجد زمن البدعة قطعا أو يوجد فيه باختياره بخلاف معلق قبله أو فيه بما لا يعلم وجوده فيه فوجد فيه لا باختياره فلا إثم فيه لكن يترتب عليه حكم البدعي من ندب الرجعة وغيره ( وقيل : إن سألته لم يحرم ) لرضاها بالتطويل والأصح التحريم ؛ لأنها قد تسأله كاذبة كما هو شأنهن ، ومن ثم لو تحققت رغبتها فيه لم يحرم كما قال ( ويجوز خلعها فيه ) أي الحيض بعوض منها ؛ لأن بذلها المال يشعر باضطرارها للفراق حالا ، ومن ثم لم يلحق بخلعها خلع الأجنبي كما قال ( لا ) خلع ( أجنبي في الأصح ) ؛ لأن خلعه لا يقتضي اضطرارها إليه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 76 ] فصل في بيان الطلاق السني والبدعي ) ( قوله فعليه ) أي على المشهور ، وقوله : عليه أي على المولي ( قوله : بأنه الملجئ ) الباء سببية

                                                                                                                              ( قوله : بنكاح أو بشبهة ) وسيأتي حمل الزنا في الحاشية

                                                                                                                              ( قوله : في المتن [ ص: 77 ] طلاق رجعي ) وهو مبني على الضعيف من استئناف العدة حينئذ

                                                                                                                              ( قوله : وإن سبقه طلاق في طهر قبله ) لعله مبني على أنه إذا طلق في العدة استؤنفت

                                                                                                                              ( قوله : أو مستدخلة ماءه ) هل ولو في الدبر أخذا مما قبله

                                                                                                                              ( قوله : بخلاف معلق قبله أو فيه بما لا يعلم إلخ ) عبارة شرح الروض والطلاق المعلق بصفة صادفت زمن البدعة بدعة لكن لا إثم فيه أو زمن السنة سني فالعبرة بكونه بدعيا أو سنيا بوقت وجود الصفة لا بوقت التعليق ؛ إذ لا ضرورة حينئذ ، ولا ندم قال في الأصل : ويمكن أن يقال إن وجدت الصفة باختياره أثم بإيقاعه في الحيض ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : ومن ثم لم يلحق بخلعها خلع الأجنبي ) نعم إن خالع الأجنبي بإذنها بمالها فكخلعها بخلافه بماله ولو بإذنها م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل في بيان الطلاق السني والبدعي ) ( قوله : وهو الجائز ) إلى قوله : فعليه في النهاية وإلى قوله : بخلاف معلق في المغني إلا قوله أو حاكم عليه ، وقوله لكن بحثا إلى وطلاق متحيرة ، وقوله : بنكاح أو شبهة ، وقوله : وإن سبقه إلى المتن ، وقوله : وقد علم ذلك ، وقوله : ولخبر ابن عمر إلى ولتضررها ، وقوله : يوجد زمن البدعة قطعا

                                                                                                                              ( قوله : فلا واسطة بينهما ) أي السني والبدعي ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : على أحد الاصطلاحين إلخ ) الأولى هذا أحد الاصطلاحين ، والمشهور خلافه فعليه إلخ عبارة المغني ، وفيه اصطلاحان أحدهما ، وهو أضبط ينقسم إلى سني وبدعي وجرى عليه المصنف حيث قال : الطلاق سني وبدعي وثانيهما ، وهو أشهر ينقسم إلى سني وبدعي ولا ولا فإن طلاق الصغيرة والآيسة والمختلعة والتي استبان حملها منه وغير المدخول بها لا سنة فيها ، ولا بدعة

                                                                                                                              ( تنبيه )

                                                                                                                              قسم جمع الطلاق إلى واجب كطلاق المولي وطلاق الحكمين في الشقاق إذا رأياه ، ومندوب كطلاق زوجة غير مستقيمة كمسيئة الخلق أو كانت غير عفيفة ، ومكروه كمستقيمة الحال ، وأشار الإمام إلى المباح بطلاق من لا يهواها ، ولا تسمح نفسه بمؤنتها من غير استمتاع بها وحرام كطلاق البدعي كما قال ويحرم البدعي ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : فعليه ) أي المشهور

                                                                                                                              ( قوله : طلاق الحكمين إلخ ) مبتدأ خبره قوله لا سنة فيه إلخ

                                                                                                                              ( قوله : أو حاكم عليه ) أي على المولي ا هـ سم

                                                                                                                              ( قوله : بأنه إلخ ) الباء سببية ا هـ سم

                                                                                                                              ( قوله : وطلاق متحيرة ) عطف على " طلاق الحكمين ، وقوله : ومختلعة إلخ ، وقوله : ومعلق إلخ ، وقوله : وصغيرة إلخ عطف على متحيرة

                                                                                                                              ( قوله : كما يأتي ) أي آنفا قبيل قول المتن وقيل ( قوله منه ) لعل الضمير راجع إلى الوطء لا الزوج ، وإلا فتحتاج إلى عطف شبهة على ضمير منه لا على نكاح ولو حذف لفظة منه لسلم عن التكلف

                                                                                                                              ( قوله : بنكاح أو شبهة ) وسيأتي حمل الزنا في الحاشية ا هـ سم

                                                                                                                              ( قوله : به ) أي الطلاق تنازع فيه المصدران ، وقوله : كما يأتي أي في شرح : ولم يظهر حمل [ ص: 77 ] قول المتن طلاق في حيض ) قال في شرح الروض ولو في عدة طلاق رجعي ، وهي تعتد بالأقراء انتهى ، وهو مبني على الضعيف من استئناف العدة حينئذ نهاية ومغني وسم

                                                                                                                              ( قوله : وإن سبقه إلخ ) لعله مبني على أنه إذا طلق في العدة استؤنفت ا هـ سم أي : وهو ضعيف كما مر آنفا

                                                                                                                              ( قوله : أي موطوءة ) إلى المتن في النهاية

                                                                                                                              ( قوله : أو مستدخلة ماءه ) هل ولو في الدبر أخذا مما قبله سم على حج والأقرب نعم ثم رأيت في شرح الروض التصريح به عبارته أو استدخلت ماءه المحترم ، ولو في حيض قبله أو الدبر ا هـ ع ش عبارة السيد عمر هل الاستدخال في الدبر كالوطء محل تأمل ثم رأيت قول الشارح الآتي بناء على إمكان العلوق منه انتهى ، وهو يقتضي أن الاستدخال كالوطء انتهى

                                                                                                                              ( قوله : وقد علم ذلك ) إنما قيد به لقول المصنف ويحرم إلخ ، وإلا فاسم البدعة موجود ، ولو مع عدم العلم كما هو ظاهر ا هـ رشيدي ( قول دمها ) أي المطلقة في الحيض ، وقوله : منها أي العدة ( قوله عدتها بالوضع ) مفهومه أنها لو كانت حاملا من شبهة أو من وطء زنا حرم وسيأتي حكم ذلك في قوله : ومنه أيضا ما لو نكح حاملا من زنا ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : وبحث الأذرعي إلخ ) وهو حسن ا هـ مغني عبارة ع ش معتمد ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : فيه ) أي الطلاق

                                                                                                                              ( قوله : وكالمنجز إلخ ) عبارة النهاية والمغني واحترزنا بالمنجز عن المعلق بدخول الدار مثلا فلا يكون بدعيا لكن ينظر لوقت الدخول فإن وجد حال الطهر فسني ، وإلا فبدعي لا إثم فيه هنا قال الرافعي ويمكن أن يقال إن وجدت الصفة باختياره أثم بإيقاعه في الحيض كإنشائه الطلاق فيه ، قال الأذرعي : إنه ظاهر لا شك فيه ، وليس في كلامهم ما يخالفه ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : بخلاف معلق إلخ ) هذا قد يشمل ما يأتي آنفا عن المغني عن الأذرعي ( قول المتن : إن سألته ) أي الطلاق في الحيض نهاية ومغني وهل سؤالها لذلك محرم ؟ الظاهر لا سيد عمر ( قول المتن : لم يحرم ) ولو علق الطلاق باختيارها فأتت به في حال الحيض باختيارها قال الأذرعي فيمكن أن يقال هو كما لو طلقها بسؤالها أي فيحرم ، وهو ظاهر ا هـ مغني زاد النهاية أي حيث كان يعلم وجود الصفة حال البدعة ا هـ قال ع ش قوله قال الأذرعي إلخ معتمد ا هـ وقال السيد عمر : قوله أي حيث كان يعلم إلخ هذا القيد لا بد منه ، وإلا فإطلاق التحريم مشكل ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : لرضاها ) إلى قوله : لأنها قد تسأله في المغني وإلى قول المتن فلو وطئ إلخ في النهاية إلا ما سأنبه عليه

                                                                                                                              ( قوله : لو تحققت رغبتها إلخ ) أي كأن دفعت له عوضا أو دلت قرينة قوية على ذلك ا هـ ع ش ( قوله : أي الحيض ) أي والنفاس ا هـ مغني ( قوله : ومن ثم لم يلحق بخلعها خلع أجنبي ) ولو أذنت للأجنبي في أن يختلعها يظهر أن يقال : إن كان بمالها فكاختلاعها ، وإلا فهو كاختلاعه مغني ونهاية قال ع ش قوله : إن كان بما أي إن كان الإذن في اختلاعها بمالها ، وإن اختلع بماله ؛ لأن إذنها على الوجه المذكور محقق لرغبتها ا هـ ( قوله : لا خلع أجنبي ) أي فيحرم ؛ لأن فيه إعانة على المعصية وإضرارا بالغير ا هـ سيد عمر

                                                                                                                              ( قوله : لأن خلعه ) إلى قوله وبحث ابن الرفعة في المغني إلا قوله أو عند مثلا ، وقوله : بناء على إمكان العلوق منه ، وقوله : لقوله صلى الله عليه وسلم إلى ؛ لأنه قد يشتد




                                                                                                                              الخدمات العلمية