الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون وإذا رأى الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون وألقوا إلى الله يومئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون

                                                                                                                                                                                                                                        يخبر تعالى عن حال هؤلاء الذين كفروا في يوم القيامة، وأنه لا يقبل لهم عذر ولا يرفع عنهم العقاب، وأن شركاءهم تتبرأ منهم، ويقرون على أنفسهم بالكفر والافتراء على الله، فقال: ويوم نبعث من كل أمة شهيدا يشهد عليها بأعمالهم وماذا أجابوا به الداعي إلى الهدى، وذلك الشهيد الذي يبعثه الله أزكى الشهداء وأعدلهم، وهم الرسل الذين إذا شهدوا تم عليهم الحكم.

                                                                                                                                                                                                                                        ثم لا يؤذن للذين كفروا في الاعتذار لأن اعتذارهم بعد ما علموا يقينا بطلان ما هم عليه اعتذار كاذب لا يفيدهم شيئا، وإن طلبوا أيضا الرجوع إلى الدنيا [ ص: 896 ] ليستدركوا، لم يجابوا ولم يعتبوا، بل يبادرهم العذاب الشديد الذي لا يخفف عنهم من غير إنظار ولا إمهال من حين يرونه؛ لأنهم لا حساب عليهم؛ لأنهم لا حسنات لهم، وإنما تعد أعمالهم وتحصى ويوقفون عليها ويقررون بها، ويفتضحون.

                                                                                                                                                                                                                                        (86 وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم يوم القيامة، وعلموا بطلانها، ولم يمكنهم الإنكار، قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك ليس عندها نفع ولا شفع، فنوهوا بأنفسهم ببطلانها، وكفروا بها، وبدت البغضاء والعداوة بينهم وبينها، فألقوا إليهم القول أي: ردت عليهم شركاؤهم عليهم قولهم، فقالت لهم: إنكم لكاذبون حيث جعلتمونا شركاء لله، وعبدتمونا معه، فلم نأمركم بذلك، ولا زعمنا أن فينا استحقاقا للألوهية فاللوم عليكم.

                                                                                                                                                                                                                                        (87 ) فحينئذ استسلموا لله، وخضعوا لحكمه، وعلموا أنهم مستحقون للعذاب.

                                                                                                                                                                                                                                        وضل عنهم ما كانوا يفترون فدخلوا النار وقد امتلأت قلوبهم من مقت أنفسهم ومن حمد ربهم، وأنه لم يعاقبهم إلا بما كسبوا.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية