الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في دية الخطإ شبه العمد

                                                                      4547 حدثنا سليمان بن حرب ومسدد المعنى قالا حدثنا حماد عن خالد عن القاسم بن ربيعة عن عقبة بن أوس عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مسدد خطب يوم الفتح بمكة فكبر ثلاثا ثم قال لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده إلى هاهنا حفظته عن مسدد ثم اتفقا ألا إن كل مأثرة كانت في الجاهلية تذكر وتدعى من دم أو مال تحت قدمي إلا ما كان من سقاية الحاج وسدانة البيت ثم قال ألا إن دية الخطإ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل منها أربعون في بطون أولادها وحديث مسدد أتم حدثنا موسى بن إسمعيل حدثنا وهيب عن خالد بهذا الإسناد نحو معناه حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث عن علي بن زيد عن القاسم بن ربيعة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح أو فتح مكة على درجة البيت أو الكعبة قال أبو داود كذا رواه ابن عيينة أيضا عن علي بن زيد عن القاسم بن ربيعة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه أيوب السختياني عن القاسم بن ربيعة عن عبد الله بن عمرو مثل حديث خالد ورواه حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يعقوب السدوسي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم وقول زيد وأبي موسى مثل حديث النبي صلى الله عليه وسلم وحديث عمر رضي الله عنه

                                                                      التالي السابق


                                                                      تكرر هذا الباب في بعض النسخ وقع هاهنا وبعد باب فيمن تطبب إلخ ولم يقع في بعض النسخ إلا بعد الباب المذكور والله أعلم .

                                                                      ( فكبر ) : أي قال الله أكبر ( وهزم الأحزاب وحده ) : قال في المجمع : أي من غير قتال من الآدميين بأن أرسل ريحا وجنودا وهم أحزاب اجتمعوا يوم الخندق ويحتمل أحزاب الكفار في جميع الدهر والمواطن ( إلى هاهنا حفظته من مسدد ) : أي إلى هذا الموضع من الحديث حدثني مسدد وحده وحفظته منه ، ومن بعد هذا الموضع إلى آخر الحديث قد حدثني سليمان ومسدد كلاهما ( ثم اتفقا ) : أي سليمان ومسدد ( ألا إن كل مأثرة ) : المأثرة هي ما يؤثر ويذكر من مكارم أهل الجاهلية ومفاخرهم ( تحت قدمي ) : خبر إن أي باطل وساقط .

                                                                      قال الخطابي : معناه إبطالها وإسقاطها ( إلا ما كان من سقاية الحاج وسدانة البيت ) : [ ص: 228 ] بكسر السين وبالدال المهملة وهي خدمته والقيام بأمره أي فهما باقيان على ما كانا . قال الخطابي : وكانت الحجابة في الجاهلية في بني عبد الدار والسقاية في بني هاشم فأقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار بنو شيبة يحجبون البيت وبنو العباس يسقون الحجيج ( ثم قال ألا ) : بالتخفيف للتنبيه ( شبه العمد ) : بدل من الخطأ ( ما كان بالسوط والعصا ) : بدل من البدل ( مائة ) : خبر ( في بطونها أولادها ) : يعني الحوامل . قال الخطابي : في الحديث إثبات قتل شبه العمد ، وقد زعم بعض أهل العلم أن ليس القتل إلا العمد المحض أو الخطأ المحض ، وفيه بيان أن دية شبه العمد مغلظة على العاقلة . واختلف الناس في دية شبه العمد فقال بظاهر الحديث عطاء والشافعي ، وإليه ذهب محمد بن الحسن . وقال أبو حنيفة وأبو يوسف وأحمد وإسحاق هي أرباع . وقال أبو ثور دية شبه العمد أخماس . وقال مالك بن أنس : ليس في كتاب الله عز وجل إلا الخطأ والعمد وأما شبه العمد فلا نعرفه . ويشبه أن يكون الشافعي إنما جعل الدية في العمد أثلاثا بهذا الحديث ، وذلك أنه ليس في العمد حديث مفسر أو الدية في العمد مغلظة وفي شبه العمد كذلك فحمل أحدهما على الآخر ، وهذه الدية تلزم العاقلة عند الشافعي لما فيه من شبه الخطأ كدية الجنين انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه النسائي وابن ماجه وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير وساق اختلاف الرواة فيه ، وأخرجه الدارقطني في سننه وساق أيضا اختلاف الرواة فيه . ( على درجة البيت ) : قال في المجمع : الدرجة المرقاة ( أو الكعبة ) : شك من الراوي ( قال أبو داود كذا رواه ابن عيينة إلى قوله عن يعقوب السدوسي عن عبد الله بن عمرو [ ص: 229 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم ) : غرض المؤلف من ذكر هذه الأسانيد بيان اختلاف الرواة ، وحاصله أن القاسم بن ربيعة يقول مرة عن عبد الله بن عمرو أي ابن العاص ومرة عن عبد الله بن عمر ، ثم هو قد يذكر بينه وبين عبد الله بن عمرو بن العاص واسطة عقبة بن أوس كما في رواية خالد وقد لا يذكر كما في رواية أيوب . وقد أشار المنذري إلى وجه الجمع ( وقول زيد ) : أي ابن ثابت ( وأبي موسى ) : أي الأشعري ( مثل حديث النبي صلى الله عليه وسلم وحديث عمر رضي الله عنه ) : بالجر عطف على حديث النبي صلى الله عليه وسلم أي مذهب زيد وأبي موسى ما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم وفي حديث عمر رضي الله عنه وحديث عمر هو مذكور بعد هذا .

                                                                      قال المنذري : وحديث القاسم بن ربيعة عن عبد الله بن عمرو بن العاص أخرجه النسائي وابن ماجه . وعلي بن زيد هذا هو ابن جدعان القرشي التيمي المكي نزل البصرة ولا يحتج بحديثه ويعقوب السدوسي هو عقبة بن أوس الذي تقدم في الحديث قبله ، يقال فيه عقبة بن أوس ويعقوب بن أوس . وأراد أن مذهب زيد بن ثابت وأبي موسى الأشعري ما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم وفي حديث عمر وحديث عمر الذي أشار إليه أبو داود وهو الذي ذكره بعد هذا .

                                                                      وقد قيل يحتمل أن يكون القاسم بن ربيعة سمعه من عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص فروى عن هذا مرة وعن هذا مرة وأما رواية خالد الحذاء عن عبد الله بن عمرو وسمعه من عبد الله بن عمرو فرواه مرة عن عقبة ومرة عن عبد الله بن عمرو . انتهى كلام المنذري .




                                                                      الخدمات العلمية