nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=55nindex.php?page=treesubj&link=28977وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين .
[ ص: 260 ] الواو استئنافية كما تقدم في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=53وكذلك فتنا بعضهم ببعض . والجملة تذييل للكلام الذي مضى مبتدئا بقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=51وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم .
والتفصيل : التبيين والتوضيح ، مشتق من الفصل ، وهو تفرق الشيء عن الشيء . ولما كانت الأشياء المختلطة إذا فصلت يتبين بعضها من بعض أطلق التفصيل على التبيين بعلاقة اللزوم ، وشاع ذلك حتى صار حقيقة ، ومن هذا القبيل أيضا تسمية الإيضاح تبيينا وإبانة ، فإن أصل الإبانة القطع . والمراد بالتفصيل الإيضاح ، أي الإتيان بالآيات الواضحة الدالة على المقصود منها .
والآيات : آيات القرآن . والمعنى نفصل الآيات ونبينها تفصيلا مثل هذا التفصيل الذي لا فوقه تفصيل ، وهو تفصيل يحصل به علم المراد منها بينا .
وقوله " ولتستبين " عطف على علة مقدرة دل عليها قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=55وكذلك نفصل الآيات لأن المشار إليه التفصيل البالغ غاية البيان ، فيعلم من الإشارة إليه أن الغرض منه اتضاح العلم للرسول . فلما كان ذلك التفصيل بهذه المثابة علم منه أنه علة لشيء يناسبه وهو تبين الرسول ذلك التفصيل ، فصح أن تعطف عليه علة أخرى من علم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهي استبانته سبيل المجرمين . فالتقدير مثلا : وكذلك التفصيل نفصل الآيات لتعلم بتفصيلها كنهها ، ولتستبين سبيل المجرمين ، ففي الكلام إيجاز الحذف .
وهكذا كلما كان استعمال ( كذلك ) نفعل بعد ذكر أفعال عظيمة صالحا الفعل المذكور بعد الإشارة لأن يكون علة لأمر من شأنه أن يعلل بمثله صح أن تعطف عليه علة أخرى كما هنا ، وكما في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين بخلاف ما لا يصلح ، ولذلك فإنه إذا أريد ذكر علة بعده ذكرت بدون عطف ، نحو قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=55سبيل المجرمين طريقهم وسيرتهم في الظلم والحسد والكبر واحتقار الناس والتصلب في الكفر .
[ ص: 261 ] والمجرمون هم المشركون . وضع الظاهر موضع المضمر للتنصيص على أنهم المراد ولإجراء وصف الإجرام عليهم .
وخص المجرمين لأنهم المقصود من هذه الآيات كلها لإيضاح خفي أحوالهم للنبيء صلى الله عليه وسلم والمسلمين .
وقرأ
نافع ،
وابن كثير ،
وابن عامر ،
وأبو عمرو ،
وحفص عن
عاصم ،
وأبو جعفر ،
ويعقوب بتاء مثناة فوقية في أول الفعل على أنها تاء خطاب . والخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم .
وقرأه
حمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وأبو بكر عن
عاصم ،
وخلف بياء الغائب ، ثم إن
نافعا ،
وأبا جعفر قرأ سبيل بفتح اللام على أنه مفعول تستبين فالسين والتاء للطلب . وقرأه البقية برفع اللام على أنه فاعل ( يستبين ) أو تستبين . فالسين والتاء ليسا للطلب بل للمبالغة مثل استجاب .
وقرأ
ابن عامر ،
وابن كثير ،
وأبو عمرو ،
وحفص ، عن
عاصم برفع ( سبيل ) على أن تاء المضارعة تاء المؤنثة . لأن السبيل مؤنثة في لغة عرب الحجاز ، وعلى أنه من استبان القاصر بمعنى بان فـ ( سبيل ) فاعل تستبين ، أي لتتضح سبيلهم لك وللمؤمنين .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=55nindex.php?page=treesubj&link=28977وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلَ الْمُجْرِمِينَ .
[ ص: 260 ] الْوَاوُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=53وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ . وَالْجُمْلَةُ تَذْيِيلٌ لِلْكَلَامِ الَّذِي مَضَى مُبْتَدَئًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=51وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ .
وَالتَّفْصِيلُ : التَّبْيِينُ وَالتَّوْضِيحُ ، مُشْتَقٌّ مِنَ الْفَصْلِ ، وَهُوَ تُفَرُّقُ الشَّيْءِ عَنِ الشَّيْءِ . وَلَمَّا كَانَتِ الْأَشْيَاءُ الْمُخْتَلِطَةُ إِذَا فُصِّلَتْ يَتَبَيَّنُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ أُطْلِقَ التَّفْصِيلُ عَلَى التَّبْيِينِ بِعَلَاقَةِ اللُّزُومِ ، وَشَاعَ ذَلِكَ حَتَّى صَارَ حَقِيقَةً ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا تَسْمِيَةُ الْإِيضَاحِ تَبْيِينًا وَإِبَانَةً ، فَإِنَّ أَصْلَ الْإِبَانَةِ الْقَطْعُ . وَالْمُرَادُ بِالتَّفْصِيلِ الْإِيضَاحُ ، أَيِ الْإِتْيَانُ بِالْآيَاتِ الْوَاضِحَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْهَا .
وَالْآيَاتُ : آيَاتُ الْقُرْآنِ . وَالْمَعْنَى نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَنُبَيِّنُهَا تَفْصِيلًا مِثْلَ هَذَا التَّفْصِيلِ الَّذِي لَا فَوْقَهُ تَفْصِيلٌ ، وَهُوَ تَفْصِيلٌ يَحْصُلُ بِهِ عِلْمُ الْمُرَادِ مِنْهَا بَيِّنًا .
وَقَوْلُهُ " وَلِتَسْتَبِينَ " عَطْفٌ عَلَى عِلَّةٍ مُقَدَّرَةٍ دَلَّ عَلَيْهَا قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=55وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِأَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ التَّفْصِيلُ الْبَالِغُ غَايَةَ الْبَيَانِ ، فَيُعْلَمُ مِنَ الْإِشَارَةِ إِلَيْهِ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ اتِّضَاحُ الْعِلْمِ لِلرَّسُولِ . فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ التَّفْصِيلُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِشَيْءٍ يُنَاسِبُهُ وَهُوَ تَبَيُّنُ الرَّسُولِ ذَلِكَ التَّفْصِيلَ ، فَصَحَّ أَنْ تُعْطَفَ عَلَيْهِ عِلَّةٌ أُخْرَى مِنْ عِلْمِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهِيَ اسْتِبَانَتُهُ سَبِيلَ الْمُجْرِمِينَ . فَالتَّقْدِيرُ مَثَلًا : وَكَذَلِكَ التَّفْصِيلُ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِتَعْلَمَ بِتَفْصِيلِهَا كُنْهَهَا ، وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلَ الْمُجْرِمِينَ ، فَفِي الْكَلَامِ إِيجَازُ الْحَذْفِ .
وَهَكَذَا كُلَّمَا كَانَ اسْتِعْمَالُ ( كَذَلِكَ ) نَفْعَلُ بَعْدَ ذِكْرِ أَفْعَالٍ عَظِيمَةٍ صَالِحًا الْفِعْلُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ الْإِشَارَةِ لِأَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِأَمْرٍ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعَلَّلَ بِمِثْلِهِ صَحَّ أَنْ تُعْطَفَ عَلَيْهِ عِلَّةٌ أُخْرَى كَمَا هُنَا ، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ بِخِلَافِ مَا لَا يَصْلُحُ ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّهُ إِذَا أُرِيدَ ذِكْرُ عِلَّةٍ بَعْدَهُ ذُكِرَتْ بِدُونِ عَطْفٍ ، نَحْوَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=55سَبِيلَ الْمُجْرِمِينَ طَرِيقَهُمْ وَسِيرَتَهُمْ فِي الظُّلْمِ وَالْحَسَدِ وَالْكِبْرِ وَاحْتِقَارِ النَّاسِ وَالتَّصَلُّبِ فِي الْكُفْرِ .
[ ص: 261 ] وَالْمُجْرِمُونَ هُمُ الْمُشْرِكُونَ . وُضِعَ الظَّاهِرُ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّهُمُ الْمُرَادُ وَلِإِجْرَاءِ وَصْفِ الْإِجْرَامِ عَلَيْهِمْ .
وَخَصَّ الْمُجْرِمِينَ لِأَنَّهُمُ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ كُلِّهَا لِإِيضَاحِ خَفِيِّ أَحْوَالِهِمْ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ .
وَقَرَأَ
نَافِعٌ ،
وَابْنُ كَثِيرٍ ،
وَابْنُ عَامِرٍ ،
وَأَبُو عَمْرٍو ،
وَحَفْصٌ عَنْ
عَاصِمٍ ،
وَأَبُو جَعْفَرٍ ،
وَيَعْقُوبُ بِتَاءٍ مُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ فِي أَوَّلِ الْفِعْلِ عَلَى أَنَّهَا تَاءُ خِطَابٍ . وَالْخِطَابُ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَرَأَهُ
حَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ،
وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ
عَاصِمٍ ،
وَخَلَفٌ بِيَاءِ الْغَائِبِ ، ثُمَّ إِنَّ
نَافِعًا ،
وَأَبَا جَعْفَرٍ قَرَأَ سَبِيلَ بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ تَسْتَبِينَ فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلطَّلَبِ . وَقَرَأَهُ الْبَقِيَّةُ بِرَفْعِ اللَّامِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ ( يَسْتَبِينَ ) أَوْ تَسْتَبِينَ . فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لَيْسَا لِلطَّلَبِ بَلْ لِلْمُبَالَغَةِ مِثْلُ اسْتَجَابَ .
وَقَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ ،
وَابْنُ كَثِيرٍ ،
وَأَبُو عَمْرٍو ،
وَحَفْصٌ ، عَنْ
عَاصِمٍ بِرَفْعٍ ( سَبِيلُ ) عَلَى أَنَّ تَاءَ الْمُضَارَعَةِ تَاءُ الْمُؤَنَّثَةِ . لِأَنَّ السَّبِيلَ مُؤَنَّثَةٌ فِي لُغَةِ عَرَبِ الْحِجَازِ ، وَعَلَى أَنَّهُ مِنِ اسْتَبَانَ الْقَاصِرُ بِمَعْنَى بَانَ فَـ ( سَبِيلُ ) فَاعِلُ تَسْتَبِينَ ، أَيْ لِتَتَّضِحَ سَبِيلُهُمْ لَكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ .