الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1839 [ ص: 236 ] حديث خامس وثلاثون لنافع ، عن ابن عمر

مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة ربه فله أجره مرتين .

التالي السابق


قال أبو عمر : معنى هذا الحديث عندي - والله أعلم - أن العبد لما اجتمع عليه أمران ( واجبان ) طاعة سيده في المعروف وطاعة ربه فقام بهما جميعا كان له ضعفا أجر الحر المطيع لربه مثل طاعته ، لأنه قد أطاع الله فيما أمره به من طاعة سيده ونصحه وأطاعه أيضا فيما افترض عليه ، ومن هذا المعنى عندهم أنه من اجتمع عليه فرضان فأداهما جميعا ، وقام بهما كان أفضل ممن ليس عليه إلا فرض واحد فأداه ، والله [ ص: 237 ] أعلم فمن وجبت عليه زكاة وصلاة فقام بهما على حسبما يجب فيهما كان له أجران ، ومن لم يجب عليه زكاة وأدى صلاته كان له أجر واحد إلا أن الله يوفق من يشاء ويتفضل على من يشاء ، وعلى حسب هذا يعصي الله تعالى من اجتمعت عليه فروض من وجوه فلم يؤد شيا منها وعصيانه له أكثر من عصيان من لم يجب عليه إلا بعض تلك الفروض ، وقد سئل عبد الله بن العباس رضي الله عنه ، عن رجل كثير الحسنات كثير السيئات أهو أحب إليك أم رجل قليل الحسنات قليل السيئات فقال : ما أعدل بالسلامة شيئا .

وفي هذا الحديث أيضا ما يدل على أن العبد المتقي لله المؤدي لحق الله وحق سيده أفضل من الحر ويعضد هذا ما روي عن المسيح - صلى الله عليه وسلم - مما قد ذكرناه في هذا الكتاب قوله مر الدنيا حلو الآخرة وحلو الدنيا مر الآخرة وللعبودية مضاضة ومرارة لا تضيع عند الله - والله أعلم - .

أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى ، حدثنا علي بن محمد ، حدثنا أحمد بن داود ، حدثنا سحنون ، حدثنا ابن وهب قال : أخبرني [ ص: 238 ] يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول قال : أبو هريرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : للعبد المصلح أجران ، والذي نفس أبي هريرة بيده لولا الجهاد في سبيل الله ، والحج وبر أمي لأحببت أن أموت ، وأنا مملوك .

قال : وأخبرني ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبيه أنه سمع أبا هريرة يقول لولا أمران لأحببت أن أكون عبدا وذلك أن المملوك لا يستطيع أن يضع في ماله شيئا ، ولا يجاهد وذلك أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ما خلق الله عبدا يؤدي حق الله عليه وحق سيده إلا وفاه الله أجره مرتين .




الخدمات العلمية