الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فرع ) قال : أنت طالق إن لم تتزوجي فلانا طلقت حالا كما يأتي بما فيه أو إن لم تتزوجي فلانا فأنت طالق أطلق جمع الوقوع وقال آخرون فيه دور [ ص: 97 ] فمن ألغاه أوقعه ، ومن صححه لم يوقعه ، وفي تخصيص الدور بهذه نظر بل يأتي في الأولى إذ لا فرق بينهما من حيث المعنى على أن الذي يتجه أن هذا من باب التعليق بما يئول للمحال الشرعي ؛ لأنه حث على تزوجه المحال قبل الطلاق لا من الدور فيقع حالا نظير الأولى فتأمله ، ولو حلف ليرسمن عليه لم يتوقف البر على طلب الترسيم عليه من حاكم على ما أفتى به بعضهم وقال غيره بل يتوقف على ذلك ؛ لأن حقيقة الترسيم تختص بالحاكم ، وأما الترسيم من المشتكي فهو طلبه ، ولا يغني مجرد الشكاية للحاكم عن ترسيمه ، وهو أن يوكل به من يلازمه حتى يؤمن من هربه قبل فصل الخصومة ، ولو حلف بالثلاث أن زوج بنته ما عاد يكون لها زوجا ، ولم يطلق الزوج عقب حلفه وقعن خلافا لمن أطلق وقوعهن محتجا بأن معناه إن بقي لها زوجا ؛ لأن هذا المعنى لا ينافي ما ذكرته بل يؤيده ومحل ذلك إن أراد انتفاء نكاحه بأن يطلقها ، وإلا فلا أخذا من قولهم : في لست بزوجتي أنه كناية ويجري ذلك في إن فعلت كذا ما تصبحين أو تعودين لي بزوجة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وقال آخرون : فيه دور ) كأن المراد بهذا الدور أنه جعل التزوج مانعا من الطلاق مع أن التزوج متوقف على الطلاق لاستحالته بدونه ، والطلاق متوقف على التزوج

                                                                                                                              ( قوله : [ ص: 97 ] قبل الطلاق ) اعتبار أن يكون قبل الطلاق من أين وما المانع أن يقال : لا تطلق إلا باليأس ووجود البر في حال البينونة كاف ، وحينئذ فقياس ما يأتي في شرح قوله : وقع عند اليأس عن قضية كلامهما أنه إن أبانها واستمرت بلا تزوج فلان إلى الموت لم يقع طلاق ، وإن لم يبنها وحصل اليأس بالموت طلقت قبيله فليتأمل

                                                                                                                              ( قوله : ولو حلف بالثلاث أن زوج بنته إلخ ) وقع السؤال عن إنسان كانت عنده أخت زوجته وأرادت الانصراف فحلف بالطلاق أنها إن راحت من عنده ما خلى أختها على عصمته فراحت فظهر لي أنه يقع عليه الطلاق إن ترك طلاق أختها عقب رواحها بأن مضى عقبه ما يسع الطلاق ، ولم يطلق فهو محمول على الفور خلافا لمن بحث معي أنه لا يقع إلا باليأس ثم رفع السؤال للشمس الرملي فأفتى بما قلته وذكر عن شيخنا الشهاب الرملي أنه قال : إن التخلية محمولة على معنى الترك فمعنى إن خليت أو ما خليت إن تركت أو ما تركت ثم رأيت الشارح قال في باب الأيمان أو لا أخليك تفعلي كذا حمل على نفي تمكينه منه بأن يعلم به ويقدر على منعه منه انتهى فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : وقال آخرون فيه دور ) كأن المراد بهذا الدور أنه جعل التزوج مانعا من الطلاق مع أن التزوج متوقف على الطلاق لاستحالته بدونه ، والطلاق متوقف على التزوج ا هـ سم ، وإنما [ ص: 97 ] قال كأن إلخ إذ لا دور حقيقة كما يأتي ؛ لأن التزوج الموقوف تزوج فلان ، والتزوج الموقوف عليه تزوج الزوج

                                                                                                                              ( قوله : بهذه ) أي بصورة تقديم الشرط ، وقوله : في الأولى أي في صورة تقديم الجزاء

                                                                                                                              ( قوله : إن هذا ) أي الثانية فكان الأولى التأنيث

                                                                                                                              ( قوله : من باب التعليق إلخ ) أي تعليق الطلاق بالتزوج المحال ، وقوله : لأنه حث إلخ أي فهو في المعنى تعليق للطلاق للتزوج المحال ، ولا يخفى بعده

                                                                                                                              ( قوله : قبل الطلاق ) اعتبار أن يكون قبل الطلاق من أين وما المانع أن يقال : لا تطلق إلا باليأس ، ووجود البر في حالة البينونة كاف حينئذ فقياس ما يأتي في شرح وقع عند اليأس من قضية كلامهما أنه إن أبانها واستمرت بلا تزوج فلان إلى الموت لم يقع طلاق ، وإن لم يبنها وحصل اليأس بالموت طلقت قبيله فليتأمل ا هـ سم ، وقوله : إنه إن أبانها إلخ لم يقع طلاق لا يخفى أنه خال عن الفائدة وعبارة ع ش في نظير ما هنا فإن معنى التحضيض الحث على الفعل فهو بمنزلة ما لو قال علي الطلاق لا بد من فعلك كذا وذاك يقتضي الوقوع عند عدم الفعل إلا أنه لا يتحقق عدم فعلها إلا باليأس إن أطلق ويتحقق بفوات الوقت الذي قصده إن أراد وقتا معينا ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : لا من الدور ) عطف على من باب التعليق

                                                                                                                              ( قوله : يتوقف إلخ ) لعل محله بفرض اعتماده حيث لم يصدر من ذي شوكة له قدرة عليه ا هـ سيد عمر

                                                                                                                              ( قوله : على ذلك ) أي طلب الترسيم من الحاكم ، وترسيمه بالفعل

                                                                                                                              ( قوله : ولا يغني إلخ ) عطف على قوله : يتوقف على ذلك

                                                                                                                              ( قوله : عن ترسيمه ) متعلق ل " يغني " والضمير للحاكم

                                                                                                                              ( قوله : ولو حلف بالثلاث إلخ ) وقع السؤال عن إنسان كانت عنده أخت زوجته وأرادت الانصراف فحلف بالطلاق أنها إن راحت من عنده ما خلى أختها على عصمته فراحت فظهر لي أنه يقع عليه الطلاق إن ترك أختها عقب رواحها بأن مضى عقبه ما يسع الطلاق ، ولم يطلق فهو محمول على الفوز خلافا لمن بحث معي أنه لا يقع إلا باليأس ثم رفع السؤال للشمس الرملي فأفتى بما قلته سم على حج أقول وهل يبر بخروجها عن عصمته بالطلاق الرجعي أم لا فيه نظر ، والأقرب الأول ؛ لأن العصمة حيث أطلقت حملت على العصمة الكاملة المبيحة للوطء ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : ولم يطلق الزوج ) أي زوج البنت عقب حلفه أي الأب

                                                                                                                              ( قوله : ومحل ذلك ) أي وقوع الثلاث ا هـ كردي

                                                                                                                              ( قوله : وإلا ) أي كأن قصد نحو عدم حسن العشرة أو أطلق

                                                                                                                              ( قوله : فلا ) أي لا يقع الطلاق أصلا ( قوله ويجري ذلك ) أي قوله : ومحل ذلك إلخ




                                                                                                                              الخدمات العلمية