الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب قصة عمان والبحرين

                                                                                                                                                                                                        4122 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان سمع ابن المنكدر جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قد جاء مال البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا ثلاثا فلم يقدم مال البحرين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدم على أبي بكر أمر مناديا فنادى من كان له عند النبي صلى الله عليه وسلم دين أو عدة فليأتني قال جابر فجئت أبا بكر فأخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا ثلاثا قال فأعطاني قال جابر فلقيت أبا بكر بعد ذلك فسألته فلم يعطني ثم أتيته فلم يعطني ثم أتيته الثالثة فلم يعطني فقلت له قد أتيتك فلم تعطني ثم أتيتك فلم تعطني ثم أتيتك فلم تعطني فإما أن تعطيني وإما أن تبخل عني فقال أقلت تبخل عني وأي داء أدوأ من البخل قالها ثلاثا ما منعتك من مرة إلا وأنا أريد أن أعطيك وعن عمرو عن محمد بن علي سمعت جابر بن عبد الله يقول جئته فقال لي أبو بكر عدها فعددتها فوجدتها خمس مائة فقال خذ مثلها مرتين [ ص: 698 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 698 ] قوله : ( قصة عمان والبحرين ) أما البحرين فبلد عبد القيس ، وقد تقدم بيانها في كتاب الجمعة . وأما عمان فبضم المهملة وتخفيف الميم ، قال عياض : هي فرضة بلاد اليمن لم يزد في تعريفها على ذلك . وقال الرشاطي : عمان في اليمن سميت بعمان بن سبأ ، ينسب إليها الجلندي رئيس أهل عمان . ذكر وثيمة أن عمرو بن العاص قدم عليه من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فصدقه ، وذكر غيره أن الذي آمن على يد عمرو بن العاص ولدا الجلندي عياذ وجيفر ، وكان ذلك بعد خيبر ، ذكره أبو عمرو انتهى . وروى الطبراني من حديث المسور بن مخرمة قال : " بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسله إلى الملوك " فذكر الحديث . وفيه : " وبعث عمرو بن العاص إلى جيفر وعياذ ابني الجلندي ملك عمان وفيه : فرجعوا جميعا قبل وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا عمرا فإنه توفي وعمرو بالبحرين " وفي هذا إشعار بقرب عمان من البحرين ، وبقرب البعث إلى الملوك من وفاته - صلى الله عليه وسلم - فلعلها كانت بعد حنين فتصحفت ، ولعل المصنف أشار بالترجمة إلى هذا الحديث لقوله في حديث الباب " فلم يقدم مال البحرين حتى قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " وروى أحمد من طريق أبي لبيد قال : " خرج رجل منا يقال له : بيرح بن أسد ، فرآه عمر فقال : ممن أنت ؟ قال : من أهل عمان ، فأدخله على أبي بكر فقال : هذا من أهل الأرض التي سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إني لأعلم أرضا يقال لها : عمان ينضح بناحيتها البحر ، لو أتاهم رسولي ما رموه بسهم ولا حجر وعند مسلم من حديث أبي برزة قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا إلى قوم فسبوه وضربوه ، فجاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : لو أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيهان ) : بعمل الشام بلدة يقال لها عمان لكنها بفتح العين وتشديد الميم ، وهي التي أرادها الشاعر بقوله :


                                                                                                                                                                                                        في وجهه خالان لولاهما ما بت مفتونا بعمان



                                                                                                                                                                                                        وليست مرادة هنا قطعا ، إنما وقع اختلاف للرواة فيما وقع في صفة الحوض النبوي كما سيأتي في مكانه حيث جاء في بعض طرقه ذكر عمان . وجيفر مثل جعفر إلا أن بدل العين تحتانية ، وعياذ بفتح المهملة وتشديد التحتانية وآخره معجمة ، والجلندي بضم الجيم وفتح اللام وسكون النون والقصر ، وبيرح بموحدة ثم تحتانية ثم مهملة بوزن ديلم . ثم ذكر المصنف حديث جابر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا سفيان ) هو ابن عيينة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سمع ابن المنكدر جابر بن عبد الله ) بنصب جابر على أنه مفعول سمع ، وفي رواية الحميدي في مسنده " حدثنا سفيان قال : سمعت ابن المنكدر قال : سمعت جابرا " وقد تقدم شرح الحديث مستوفى في الكفالة وفي الشهادات وفي فرض الخمس .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وعن عمرو ) هو معطوف على الإسناد الأول ، وعمرو هو ابن دينار ، ومحمد بن علي هو المعروف [ ص: 699 ] بالباقر ، وأبوه هو زين العابدين بن الحسين بن علي ، ووهم من زعم أن محمد بن علي هو ابن الحنفية ، ووقع في رواية الحميدي " حدثنا سفيان حدثنا عمرو بن دينار أخبرني محمد بن علي " فذكره .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية