nindex.php?page=treesubj&link=31807_31808_33679_34263_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99وهو الذي أنـزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون
بعد أن أشار سبحانه وتعالى إلى خلق النبات من الحبات، والشجر من النواة - بين
خلق الإنسان في الأرحام فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع
اتجه المفسرون إلى اتجاهات في تفسير قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98فمستقر ومستودع فمنهم من نظر إلى أن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98فمستقر ومستودع تتجه إلى أصل التكوين الإنساني في أصلاب الآباء، وأرحام الأمهات، فقال: معنى مستقر أي: مكان استقرار وهو رحم الأم، ومستودع أي: مكان الوديعة الإلهية في أصلاب الآباء، فهو بيان لأدوار النطفة حتى تخرج من المستودع الذي أودعه الله تعالى فيها، وهو الأصلاب إلى المقر الذي أقرها الله فيها لتنمو فتكون نطفة في قرار مكين، ثم تكون النطفة علقة، ثم تكون مضغة، ثم تكون عظاما، فيكسو العظام لحما، ثم
[ ص: 2604 ] يصير بشرا سويا، فتبارك الله أحسن الخالقين، والنفس الواحدة هي نفس
آدم أبي البشر.
وكما أشار سبحانه إلى فلق الحبة فتكون خضرة، وفلق النواة فتكون نخلا باسقا، وأشار هنا إلى خلق الإنسان حتى يصير إنسانا مكتملا.
واتجه آخرون إلى الاستقرار في الحياة، والاستيداع في النهاية إلى باطن الأرض، فالمستقر هو الدنيا والوجود في هذه الأرض، والمستودع القبر، الذي يودع فيه حتى يكون البعث والنشور، وذلك كقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=36ولكم في الأرض مستقر والأكثرون من الصحابة والتابعين على الاتجاه الأول، وهو أوضح، وأقرب تبادرا للذهن، وإني أرى أنه لا مانع من أن تكون في الاثنين، واللفظ يحتملهما، ويكون في الأول: لما يشبه العبارة وفي الثاني: لما يشبه الإشارة، فالعبارة سيقت لأصل التكوين، كما سيق أمر الحبة والنواة، وما جاء بعدها لذلك، ودلت بالإشارة على أنه استقرار إلى أمد، وبعده الاستيداع في القبر، حتى يوم البعث، فتأتي كل نفس بما كسبت، وختم الله تعالى الآية بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون أي: ينفذون إلى أسرار الوجود من وراء مظاهره; لأن فقه ليس المراد بها مجرد العلم، إنما المراد بها العلم الذي يشق المظهر ليصل إلى سر ما وراءه، وقد علل
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أنه ختم الآية التي تدل على الاهتداء بالنجوم بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=97قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون وهنا ختم بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون بأن الاهتداء حسي يرى فهو آية بينة محسوسة لا تحتاج إلى النظر، والانتفاع والاهتداء، وأما الثانية: فإن الآيات فيها سر الوجود الإنساني الذي يتدرج فيه الحي من نطفة تجيء من الأصلاب، وتودع في الأرحام حتى تكون بشرا سويا.
وليس الفقه هو الفهم المجرد، إنما الفقه هو شق الحقائق حتى يصل إلى لبها وغايتها، فقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون [ ص: 2605 ] وبعض الكتاب قال: إن العلم أعلى درجة من الفقه; لأن الفقه مطلق الفهم، والعلم هو المعرفة عن دليل قاطع يؤدي إلى اليقين، ونحن إلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري نميل، ونرى أنه هو الذي يتفق مع (فقه)، ومن غير
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أكثر إدراكا منه.
nindex.php?page=treesubj&link=31807_31808_33679_34263_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99وَهُوَ الَّذِي أَنْـزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
بَعْدَ أَنْ أَشَارَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى خَلْقِ النَّبَاتِ مِنَ الْحَبَّاتِ، وَالشَّجَرِ مِنَ النَّوَاةِ - بَيَّنَ
خَلْقَ الْإِنْسَانِ فِي الْأَرْحَامِ فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ
اتَّجَهَ الْمُفَسِّرُونَ إِلَى اتِّجَاهَاتٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ فَمِنْهُمْ مَنْ نَظَرَ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ تَتَّجِهُ إِلَى أَصْلِ التَّكْوِينِ الْإِنْسَانِيِّ فِي أَصْلَابِ الْآبَاءِ، وَأَرْحَامِ الْأُمَّهَاتِ، فَقَالَ: مَعْنَى مُسْتَقَرٌّ أَيْ: مَكَانُ اسْتِقْرَارٍ وَهُوَ رَحِمُ الْأُمِّ، وَمُسْتَوْدَعٌ أَيْ: مَكَانُ الْوَدِيعَةِ الْإِلَهِيَّةِ فِي أَصْلَابِ الْآبَاءِ، فَهُوَ بَيَانٌ لِأَدْوَارِ النُّطْفَةِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنَ الْمُسْتَوْدَعِ الَّذِي أَوْدَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا، وَهُوَ الْأَصْلَابُ إِلَى الْمَقَرِّ الَّذِي أَقَرَّهَا اللَّهُ فِيهَا لِتَنْمُوَ فَتَكُونَ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، ثُمَّ تَكُونَ النُّطْفَةُ عَلَقَةً، ثُمَّ تَكُونَ مُضْغَةً، ثُمَّ تَكُونَ عِظَامًا، فَيَكْسُو الْعِظَامَ لَحْمًا، ثُمَّ
[ ص: 2604 ] يَصِيرُ بَشَرًا سَوِيًّا، فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ، وَالنَّفْسُ الْوَاحِدَةُ هِيَ نَفْسُ
آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ.
وَكَمَا أَشَارَ سُبْحَانَهُ إِلَى فَلْقِ الْحَبَّةِ فَتَكُونُ خُضْرَةً، وَفَلْقِ النَّوَاةِ فَتَكُونُ نَخْلًا بَاسِقًا، وَأَشَارَ هُنَا إِلَى خَلْقِ الْإِنْسَانِ حَتَّى يَصِيرَ إِنْسَانًا مُكْتَمِلًا.
وَاتَّجَهَ آخَرُونَ إِلَى الِاسْتِقْرَارِ فِي الْحَيَاةِ، وَالِاسْتِيدَاعِ فِي النِّهَايَةِ إِلَى بَاطِنِ الْأَرْضِ، فَالْمُسْتَقَرُّ هُوَ الدُّنْيَا وَالْوُجُودُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، وَالْمُسْتَوْدَعُ الْقَبْرُ، الَّذِي يُودَعُ فِيهِ حَتَّى يَكُونَ الْبَعْثُ وَالنُّشُورُ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=36وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَالْأَكْثَرُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيِنَ عَلَى الِاتِّجَاهِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَوْضَحُ، وَأَقْرَبُ تَبَادُرًا لِلذِّهْنِ، وَإِنِّي أَرَى أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِي الِاثْنَيْنِ، وَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُهُمَا، وَيَكُونُ فِي الْأَوَّلِ: لِمَا يُشْبِهُ الْعِبَارَةَ وَفِي الثَّانِي: لِمَا يُشْبِهُ الْإِشَارَةَ، فَالْعِبَارَةُ سِيقَتْ لِأَصْلِ التَّكْوِينِ، كَمَا سِيقَ أَمْرُ الْحَبَّةِ وَالنَّوَاةِ، وَمَا جَاءَ بَعْدَهَا لِذَلِكَ، وَدَلَّتْ بِالْإِشَارَةِ عَلَى أَنَّهُ اسْتِقْرَارٌ إِلَى أَمَدٍ، وَبَعْدَهُ الِاسْتِيدَاعُ فِي الْقَبْرِ، حَتَّى يَوْمِ الْبَعْثِ، فَتَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ، وَخَتَمَ اللَّهُ تَعَالَى الْآيَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ أَيْ: يَنْفُذُونَ إِلَى أَسْرَارِ الْوُجُودِ مِنْ وَرَاءِ مَظَاهِرِهِ; لِأَنَّ فَقِهَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مُجَرَّدَ الْعِلْمِ، إِنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا الْعِلْمُ الَّذِي يَشُقُّ الْمَظْهَرَ لِيَصِلَ إِلَى سِرِّ مَا وَرَاءَهُ، وَقَدْ عَلَّلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّهُ خَتَمَ الْآيَةَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الِاهْتِدَاءِ بِالنُّجُومِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=97قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَهُنَا خَتَمَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ بِأَنَّ الِاهْتِدَاءَ حِسِّيٌّ يُرَى فَهُوَ آيَةٌ بَيِّنَةٌ مَحْسُوسَةٌ لَا تَحْتَاجُ إِلَى النَّظَرِ، وَالِانْتِفَاعِ وَالِاهْتِدَاءِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَإِنَّ الْآيَاتِ فِيهَا سِرُّ الْوُجُودِ الْإِنْسَانِيِّ الَّذِي يَتَدَرَّجُ فِيهِ الْحَيُّ مِنْ نُطْفَةٍ تَجِيءُ مِنَ الْأَصْلَابِ، وَتُودَعُ فِي الْأَرْحَامِ حَتَّى تَكُونَ بَشَرًا سَوِيًّا.
وَلَيْسَ الْفِقْهُ هُوَ الْفَهْمَ الْمُجَرَّدَ، إِنَّمَا الْفِقْهُ هُوَ شَقُّ الْحَقَائِقِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى لُبِّهَا وَغَايَتِهَا، فَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [ ص: 2605 ] وَبَعْضُ الْكُتَّابِ قَالَ: إِنَّ الْعِلْمَ أَعْلَى دَرَجَةً مِنَ الْفِقْهِ; لِأَنَّ الْفِقْهَ مُطْلَقُ الْفَهْمِ، وَالْعِلْمُ هُوَ الْمَعْرِفَةُ عَنْ دَلِيلٍ قَاطِعٍ يُؤَدِّي إِلَى الْيَقِينِ، وَنَحْنُ إِلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ نَمِيلُ، وَنَرَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَّفِقُ مَعَ (فَقِهَ)، وَمَنْ غَيْرِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيَّ أَكْثَرُ إِدْرَاكًا مِنْهُ.