الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال رحمه الله : ) وإذا ادعى رجل في دار رجل دعوى فأقام الذي في يده الدار شاهدين شهدا أنه صالحه على شيء فرضي به منه ودفعه إليه فهو جائز ، وإن لم يسميا ما وقع عليه الصلح ; لأنه مقبوض وحكم الصلح ينتهي في المقبوض بالقبض ، وإنما يحتاج إلى التسمية فيما يستحق قبضه للتحرز عن الجهالة المانعة من التسليم ، وهذا لا يوجد في المقبوض ، وترك التسمية فيه [ ص: 26 ] لا يمنع العمل بالشهادة كترك التسمية فيما وقع الصلح عنه ، وكذلك لو سمى أحدهما دراهم ، ولم يسم الآخر شيئا وشهدا جميعا أنه استوفى جميع ما صالح عليه فهو جائز ; لأن تسمية أحدهما زيادة غير محتاج إليها فذكره والسكوت عنه سواء ، ولو جحد صاحب الدار وادعى الطالب الصلح وجاء بشاهدين فشهد أحدهما على دراهم مسماة وشهد الآخر على شيء غير مسمى أو تركا جميعا تسمية البدل لم تقبل الشهادة ; لأن المصالح عليه غير مقبوض ، فلا يتمكن القاضي من القضاء مع الجهالة

فإن ادعى الطالب مائة وخمسين درهما وشهد له شاهد بها وشاهد بمائة درهم قضيت له بمائة درهم ; لأن دعواه في الحاصل دعوى الدين فالإسقاط قد حصل بإقراره ، وقد اتفق الشاهدان على المائة لفظا ومعنى فتقبل الشهادة إذا كان المدعي يدعي الأكثر ، وإن كان يدعي الأقل ، فلا تقبل الشهادة لتكذيب المدعي أحد شاهديه ، وإذا شهد أحدهما بمائة والآخر بمائتين لا تقبل عند أبي حنيفة رحمه الله : لاختلاف الشاهدين لفظا ومعنى ، وإن ترك بينة الصلح فالمدعي على حجته ; لأنه إنما أقر بسقوط حقه بعوض ، فإذا لم يقبل ذلك العوض فهو على حقه وحجته ، فإن شهد شاهد على صلح بمعاينة على دراهم مسماة وشهد الآخر على الإقرار بمثل ذلك فهو جائز ; لأن الصلح هو إقرار معناه أن صفة الإقرار والإنشاء في الصلح واحد كما في البيع ، وإن شهد أحدهما بالبيع والآخر بالإقرار به كانت الشهادة مقبولة والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية