الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : يا بني آدم قد أنـزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ؛ ويقرأ : " ورياشا " ؛ و " الريش " : اللباس؛ العرب تقول : " أعطيته بريشته " ؛ أي : بكسوته؛ و " الريش " : كل ما ستر الرجل في جسمه؛ ومعيشته؛ يقال : " تريش فلان " ؛ أي : " صار له ما يعيش به " ؛ أنشد سيبويه ؛ وغيره :


                                                                                                                                                                                                                                        فريشي منكم وهواي معكم ... وإن كانت زيارتكم لماما



                                                                                                                                                                                                                                        ولباس التقوى ؛ برفع اللباس؛ فمن نصب؛ عطف به على الريش؛ يكون المعنى : " أنزلنا عليكم لباس التقوى " ؛ ويرفع " خير " ؛ بذلك؛ ومن رفع اللباس فرفعه على ضربين؛ أحدهما أن يكون مبتدأ؛ ويكون ذلك من صفته؛ ويكون " خير " ؛ خبر الابتداء؛ المعنى : " ولباس التقوى المشار إليه خير " ؛ ويجوز أن يكون " ولباس التقوى " ؛ مرفوعا بإضمار " هو " ؛ المعنى : " هو [ ص: 329 ] لباس التقوى " ؛ أي : " وستر العورة لباس المتقين " ؛ ثم قال : ذلك خير ؛ ويكون على أن لباس التقوى مرفوع بالابتداء؛ ويكون " ذلك خير " ؛ يرتفع به " خير " ؛ على أنه خبر " ذلك " ؛ ويكون ذلك بمنزلة " هو " ؛ كأنه - والله أعلم - : " ولباس التقوى هو خير " ؛ لأن أسماء الإشارة تقرب فيما يعود من الذكر من المضمر؛ والوجهان الأولان أبين في العربية.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية