الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
بيان حكم مدح الفاسق والثناء عليه

وعن أنس - رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مدح الفاسق، غضب الرب تعالى، واهتز له العرش" رواه البيهقي في "شعب الإيمان" .

المعنى: أن الله يغضب على المادح، وكاد العرش أن يتحرك فيدك من هيبة أثر عظمة سخطه سبحانه.

قال السيد في هامش "المشكاة" : اهتزاز العرش عبارة عن وقوع أمر عظيم; لأن ذلك المدح رضا بما فيه سخط الله، بل يقرب أن يكون كفرا; لأنه يكاد يفضي إلى استحلال ما حرمه الله تعالى، وهذا هو الداء العضال لأكثر العلماء، والشعراء، والقراء المرائين. انتهى.

[ ص: 426 ] قلت: وفي الحديث لفظ الفاسق دون الكافر، فأفاد أن مدح المؤمن إذا كان فاسقا يوجب سخط الله، وهز عرشه العظيم الذي استوى عليه.

فكيف إذا مدح الكافر الصريح الكفر، الواضح الشرك ؟!!فاعتبر أيها السني بحال هؤلاء، الذين يمدحون أهل الكتاب، ويثنون على أولئك الكفرة الفجرة بلا ارتياب، كيف تكون عاقبتهم، وإلى ما يصير مآلهم.

وقد عمت بذلك البلوى في أهل الزمان منذ أزمان، حتى في أوائل كتب الهداية، وصحف الإيمان المطبوعة في المطابع الحجرية والرصاصية في كل بلد من بلاد الإسلام، فضلا عن بلاد الكفر والحرب والطغيان والعدوان.

فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وليست الشكوى في هذا الباب من الذين هم من غير ملة الإسلام; كالهنود، والمجوس ونحوهما، بل المصيبة كل المصيبة: أن المبتلى بذلك من هم في عداد المسلمين، وهم مدعوه بألسنتهم.

وإنما خدعتهم هذه الدنيا الفانية، وحبها الراسخ في قلوبهم، وحب الدنيا رأس كل خطيئة، وحب الشيء يعمي ويصم.

ومن الناس من ينتصر لهم بكل طريق تصل إليه قدرته; من المدح باللسان، والعون بالبيان، وبذل المال من خلوص الجنان، ويزعمون أنهم يحسنون صنعا ومؤمنون حقا، والحال هذه.

فيالله العجب من هذه العقول، أين ذهبت، وما للأفهام في أي ظلمة وقعت !!وقد كثرت الدفاتر المشتملة على هذا الثناء الفاجر، فما أحقها بأن تمحى وتحرق، أو تحرق وتغرق !!

التالي السابق


الخدمات العلمية