الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 379 ] باب نقض العهد

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وإذا نقض الذين عقدوا الصلح عليهم ، أو جماعة منهم فلم يخالفوا الناقض بقول ، أو فعل ظاهر ، أو اعتزال بلادهم ، أو يرسلون إلى الإمام أنهم على صلحهم : فللإمام غزوهم ، وقتل مقاتلتهم ، وسبي ذراريهم ، وغنيمة أموالهم ، وهكذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ببني قريظة عقد عليهم صاحبهم فنقض ، ولم يفارقوه ، وليس كلهم أشرك في المعونة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، ولكن كلهم لزم حصنه فلم يفارق الناقض إلا نفر منهم ، وأعان على خزاعة وهم في عقد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أنفار من قريش ، فشهدوا قتالهم : فغزا النبي - صلى الله عليه وسلم - قريشا عام الفتح بغدر ثلاثة نفر منهم ، وتركهم معونة خزاعة ، وإيوائهم من قاتلها " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا عقد الإمام الهدنة مع أهل الحرب كان عقدها موجبا لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : للموادعة ، وهي الكف عن المحاربة جهرا ، وعن الخيانة سرا ، قال الله تعالى : وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء ، [ الأنفال : 58 ] .

                                                                                                                                            والثاني : أن يشترك فيها الفريقان ، فيلتزم كل واحد منهما حكمهما ، ولا يختص بأحدهما : ليأمن كل واحد منهما صاحبه .

                                                                                                                                            قال الله تعالى : إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم [ التوبة : 7 ] .

                                                                                                                                            فإذا ثبت بهذين الشرطين : وجب الوفاء بها ، ولم يجز نقضها .

                                                                                                                                            قال الله تعالى : ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود [ المائدة : 1 ] .

                                                                                                                                            وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنا أحق من وفى بذمته ، فإن نقض المشركون ارتفع حكم العقد ، وبطل أمانهم من المسلمين ، وصاروا بنقضه حربا قال الله تعالى : وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم [ التوبة : 12 ] .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية