الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة التاسعة : ظاهر الآية يقتضي الوضوء على كل قائم إليها ، وإن كانت قد نزلت في النائمين ، وإياهم صادف الخطاب ، ولكنا ممن يأخذ بمطلق الخطاب ولا يربط الحكم بالأسباب ، وكذلك كنا نقول : إن الوضوء يلزم لكل قائم إلى الصلاة محدثا كان أو غير محدث ، إلا أن أنس بن مالك روى : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة . [ ص: 51 ] قلت : كيف كنتم تصنعون أنتم ؟ قال : كان يجزي أحدنا الوضوء ما لم يحدث } . خرجه جميع الأئمة

                                                                                                                                                                                                              . وروى ابن أبي بردة عن أبيه { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة ، فلما كان يوم الفتح صلى الصلوات بوضوء واحد . فقال له عمر : فعلت شيئا لم تكن تفعله . فقال : عمدا فعلته } . أخرجه النسائي وأبو داود والترمذي . فإن قيل : فهل يتكرر الحكم بتكرر الشرط أم لا ؟ فإن قلتم بتكرره أحلتم ، وإن قلتم لا يتكرر فما وجهه ؟ قلنا : من المتعجرفين من تكلف فقال : إنما يتكرر بتكرر العلة ، وهو الحدث . وهذا لا يصح ; فإن الحدث لا يوجب الطهارة لنفسه ، وإنما وجوب الصلاة يوجب الطهارة بشرط أن يكون المكلف محدثا ، فالحدث شرط في وجوب الطهارة بوجوب الصلاة لا علته . والحكم علة للحكم شرعا ، وقد مهدنا ذلك في مسائل الخلاف وأصول الفقه . وقد أحدث بعض المبتدعة في الإسلام بدعة شنعاء ، فقال : إن المحدث لا يؤمر بالصلاة ، إنما يؤمر بالوضوء ، وعليه يثاب ، وعليه يعاقب ، ولا يتوجه عليه الأمر بالصلاة حتى يتوضأ . وهذا خرق لإجماع الأمة وهتك لحجاب الشريعة . وهذه الآية وأمثالها رد عليه إن أقر بثبوته ، وإن أنكره فإن من ينكر التوحيد مخاطب بتصديق الرسول ، ولا يصح ذلك منه إلا بعد توحيد الرب ، وهذا ما لا جواب لهم عنه .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية