الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 197 ] ذكر بعض ما رثي به

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال علي بن محمد المدائني ، عن ابن داب وسعيد بن خالد ، عن صالح بن كيسان ، عن المغيرة بن شعبة قال : لما مات عمر بكته ابنة أبي حثمة فقالت : واعمراه ! أقام الأود ، وأبرأ العمد ، أمات الفتن ، وأحيا السنن ، خرج نقي الثوب ، بريئا من العيب . قال : فقال علي بن أبي طالب : والله لقد صدقت ، ذهب بخيرها ، ونجا من شرها ، أما والله ما قالت ولكن قولت . قال : وقالت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل في زوجها عمر :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فجعني فيروز لا در دره بأبيض تال للكتاب منيب     رءوف على الأدنى غليظ على العدى
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أخي ثقة في النائبات مجيب     متى ما يقل لا يكذب القول فعله
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      سريع إلى الخيرات غير قطوب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقالت أيضا :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 198 ]

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عين جودي بعبرة ونحيب     لا تملي على الإمام النجيب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فجعتنا المنون بالفارس المع     لم يوم الهياج والتلبيب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عصمة الناس والمعين على الده     ر وغيث المنتاب والمحروب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قل لأهل السراء والبؤس موتوا     قد سقته المنون كأس شعوب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقالت امرأة من المسلمين تبكيه :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      سيبكيك نساء الح     ي يبكين شجيات
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ويخمشن وجوها كالدنا     نير نقيات
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ويلبسن ثياب الحز     ن بعد القصبيات

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد ذكر ابن جرير ترجمة طويلة لعمر بن الخطاب ، وكذلك أطال ابن [ ص: 199 ] الجوزي في " سيرته " ، وشيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي في تاريخه ، وقد جمعنا متفرقات كلام الناس في مجلد مفرد ، وأفردنا لما أسنده . وروي عنه من الأحكام مجلد آخر كبير مرتبا على أبواب الفقه . ولله الحمد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن جرير : وفي هذه السنة توفي قتادة بن النعمان ، وفيها غزا معاوية الصائفة حتى بلغ عمورية ومعه من الصحابة عبادة بن الصامت ، وأبو أيوب ، وأبو ذر ، وشداد بن أوس ، وفيها فتح معاوية عسقلان صلحا . قال : وفيها كان على قضاء الكوفة شريح ، وعلى قضاء البصرة كعب بن سور . قال : وأما مصعب الزبيري فإنه ذكر أن مالكا روى عن الزهري أن أبا بكر وعمر لم يكن لهما قاض .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال شيخنا أبو عبد الله الذهبي في " تاريخه " في سنة ثلاث وعشرين : فيها كانت قصة سارية بن زنيم ، وفيها كان فتح كرمان وأميرها سهيل بن عدي ، وفيها فتحت سجستان وأميرها عاصم بن عمرو . وفيها فتحت مكران وأميرها الحكم بن أبي العاص - أخو عثمان - وهي من بلاد الجبل ، وفيها [ ص: 200 ] رجع أبو موسى الأشعري من بلاد أصبهان وقد افتتح بلادها ، وفيها غزا معاوية الصائفة حتى بلغ عمورية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم ذكر وفاة من مات فيها ، فمنهم :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قتادة بن النعمان الأنصاري الأوسي الظفري ، أخو أبي سعيد الخدري لأمه ، وقتادة أكبر منه ، شهد بدرا ، وأصيبت عينه في يوم أحد حتى وقعت على خده ، فردها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فصارت أحسن عينيه . وكان من الرماة المذكورين ، وكان على مقدمة عمر حين قدم إلى الشام . توفي في هذه السنة على المشهور عن خمس وستين سنة ، ونزل عمر في قبره . وقيل : إنه توفي في التي قبلها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم ذكر ترجمة عمر بن الخطاب ، فأطال فيها وأكثر وأطنب وأطيب ، وأتى بمقاصد كثيرة مهمة ، وفوائد جمة ، وأشياء حسنة ، فأثابه الله الجنة . ثم قال

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية