الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 50 ] وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وكذلك نفصل الآيات أي: وكما فصلنا لك في هذه السورة دلائلنا وأعلامنا على المشركين ، كذلك نبين لك حجتنا في كل حق ينكره أهل الباطل . قال ابن قتيبة: ومعنى تفصيلها: إتيانها متفرقة شيئا بعد شيء .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى "ولتستبين" وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر: "ولتستبين" بالتاء ، "سبيل" بالرفع . وقرأ نافع ، وزيد عن يعقوب: بالتاء أيضا ، إلا أنهما نصبا السبيل . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم: "وليستبين" بالياء ، "سبيل" بالرفع . فمن قرأ "ولتستبين" بالياء أو التاء ، فلأن السبيل تذكر وتؤنث على ما بينا في (آل عمران) ومن نصب اللام ، فالمعنى: ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين . وفي سبيلهم التي بينت له ، قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنها طريقهم في الشرك ، ومصيرهم إلى الخزي ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنها مقصودهم في طرد الفقراء عنه ، وذلك إنما هو الحسد ، لا إيثار مجالسته واتباعه ، قاله أبو سليمان .

                                                                                                                                                                                                                                      فإن قيل: كيف انفردت لام "كي" في قوله: "ولتستبين" وسبيلها أن تكون شرطا لفعل يتقدمها أو يأتي بعدها؟ فقد أجاب عنه ابن الأنباري بجوابين .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنها شرط لفعل مضمر ، يراد به: ونفعل ذلك لكي تستبين .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنها معطوفة على لام مضمرة ، تأويله: نفصل الآيات ليتكشف أمرهم ، ولتستبين سبيلهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية