الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

                ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                صفحة جزء
                تنبيه : هل يعتبر في بناء الأحكام العرف العام أو مطلق العرف ولو كان خاصا ؟ المذهب الأول : قال في البزازية معزيا إلى الإمام البخاري الذي ختم به الفقه : 43 - الحكم العام لا يثبت بالعرف الخاص وقيل : يثبت ( انتهى ) .

                44 - ويتفرع على ذلك لو استقرض ألفا واستأجر المقرض لحفظ مرآة أو ملعقة كل شهر بعشرة 45 - وقيمتها لا تزيد على الأجر ففيها ثلاثة أقوال : صحة الإجارة بلا كراهة اعتبارا لعرف خواص بخارى .

                46 - والصحة مع الكراهة للاختلاف ، والفساد ; لأن صحة الإجارة [ ص: 316 ] بالتعارف العام ولم يوجد ، وقد أفتى الأكابر بفسادها .

                وفي القنية من باب استئجار المستقرض المقرض : التعارف الذي تثبت به الأحكام لا يثبت بتعارف أهل بلدة واحدة عند البعض .

                وعند البعض 47 - إن كان يثبت ولكن أحدثه بعض أهل بخارى فلم يكن متعارفا مطلقا كيف ، وإن هذا الشيء لم يعرفه عامتهم بل تعارفه خواصهم فلا يثبت التعارف بهذا القدر ، قال رضي الله عنه : 48 - وهو الصواب ( انتهى ) .

                وذكر فيها من كتاب الكراهية قبيل التحري ; لو تواضع أهل بلدة على زيادة في سنجاتهم التي توزن بها الدراهم والإبريسم على مخالفة سائر البلدان ليس لهم ذلك ( انتهى ) .

                وفي إجارة البزازية في إجارة الأصل ; استأجره ; ليحمل طعامه بقفيز منه فالإجارة فاسدة ، ويجب أجر المثل لا يتجاوز به المسمى ، وكذا إذا دفع إلى حائك غزلا على أن ينسجه بالثلث .

                ومشايخ بلخي وخوارزم أفتوا : يجوز إجارة الحائك للعرف ، وبه أفتى أبو علي النسفي أيضا ; [ ص: 317 ] الفتوى على جواب الكتاب لا الطحان 50 - ; لأنه منصوص عليه فيلزم إبطال النص ، ( انتهى ) .

                وفيها من البيع الفاسد في الكلام على بيع الوفاء في القول السادس من أنه صحيح .

                قالوا لحاجة الناس إليه فرارا من الربا فأهل بلخي اعتادوا الدين ، والإجارة وهي لا تصح في الكرم ، وأهل بخارى اعتادوا الإجارة الطويلة ولا يمكن في الأشجار فاضطروا إلى بيعها وفاء .

                وما ضاق على الناس أمر إلا اتسع حكمه ( انتهى ) .

                والحاصل أن المذهب عدم اعتبار العرف الخاص ، ولكن أفتى كثير من المشايخ باعتباره ;

                التالي السابق


                ( 43 ) قوله : الحكم العام لا يثبت بالعرف الخاص .

                يفهم منه أن الحكم الخاص يثبت بالعرف الخاص .

                وفيها ما تقدم في الكلام على المدارس الموقوفة على درس الحديث ولا يعلم مراد الواقف منها ، هل يدرس فيها علم الحديث الذي هو معرفة المصطلح أو يقرأ متن الحديث حيث قيل باتباع اصطلاح كل بلد ؟ .

                ( 44 ) قوله : ويتفرع على ذلك لو استقرض ألفا واستأجر المقرض إلخ : يعني لأجل حل المرابحة في القرض .

                ( 45 ) قوله : وقيمتها لا تزيد على الأجر .

                يفهم منه أنه لو كانت قيمتها مقدار أجر الحفظ ، وزيادة أنه تصح الإجارة إن لم تكن مشروطة في القرض وبه صرح في القنية .

                ( 46 ) قوله : والصحة مع الكراهة إلخ : يعني صيانة للناس عن الوقوع في الربا المحض .

                [ ص: 316 ] قوله : إن كان يثبت ، كذا في النسخ بلا واو ، والأولى الواو كما في نسخ القنية .

                ( 48 ) قوله : وهو الصواب ; لأن الإجارة بيع المعدوم ، وجوزت على منافاة الدليل للحاجة فإذا وردت على ما لا يحتاج المستأجر على استيفاء منافعه لا تجوز الإجارة ، والمستقرض إذا استأجر المقرض ; ليحفظ مرآة أو ملعقة غير محتاج إلى هذا العقد لحفظ العين ، وإنما استأجره ; ليتوسل به المقرض إلى المرابحة ، وإن كان على منافاة الدليل وانعدمت الحاجة المجوزة لم يجز ، بخلاف جواز بيع المقرض من المستقرض مما يساوي طسوجا بعشرة دنانير ، فإنه على وفاق الدليل ; لأنه بيع موجود مملوك له بالقاضي .

                [ ص: 317 ] قوله : والفتوى على جواب الكتاب ، وهو عدم الجواز .

                ( 50 ) قوله : ; لأنه منصوص عليه : أي عدم الجواز منصوص عليه بالنهي عن قفيز الطحان وهو في معناه .




                الخدمات العلمية