الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 2101 ] القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [74] أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم

                                                                                                                                                                                                                                      أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه بالتوحيد والتنزيه عما نسبوه إليه من الاتحاد والحلول، فيرجعوا عن التمسك بالمتشابهات إلى القطعيات، فالاستفهام لإنكار الواقع واستبعاده، فيه تعجيب من إصرارهم. ومدار الإنكار والتعجيب عدم الانتهاء والتوبة معا. أو معناه: ألا يتوبون - بعد هذه الشهادة المكررة عليهم بالكفر وهذا الوعيد الشديد - مما هم عليه. فمدارهما عدم التوبة عقب تحقق ما يوجبها من سماع تلك القوارع الهائلة.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن كثير: هذا من كرمه تعالى وجوده ولطفه ورحمته بخلقه. مع هذا الذنب العظيم، وهذا الافتراء والكذب والإفك، يدعوهم إلى التوبة والمغفرة. فكل من تاب إليه تاب عليه. كما قال: والله غفور رحيم فيغفر لهؤلاء إن تابوا، ولغيرهم.

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو السعود: الجملة حالية من فاعل: يستغفرونه مؤكدة للإنكار والتعجيب من إصرارهم على الكفر وعدم مسارعتهم إلى الاستغفار. أي: والحال أنه تعالى مبالغ في المغفرة. فيغفر لهم عند استغفارهم، ويمنحهم من فضله.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم أشار تعالى إلى بطلان التمسك بمعجزات عيسى وكرامات أمه على إلهيتهما. بأن غايتهما الدلالة على نبوته وولايتها، استنزالا لهم عن الإصرار على ما تقولوا عليهما، وإرشادا لهم إلى التوبة والاستغفار فقال:

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية